عبادة الله على حرف

قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) ..

تصف الآية صنفاً من الناس موجودا في كل زمان ، ظاهره متديّن يتكلّم بالدين ويمارس المظاهر الدينية لقوله تعالى في وصف هذا الصنف انه (يَعْبُدُ اللَّهَ) لكن تدينه قلق غير مستند إلى قاعدة متينة وانما هو كالواقف على حافة الهاوية ويمكن ان يسقط فيها في أي لحظة ..
لأنه ينظر الى الدين من زاوية واحدة ويتعامل معه بمقياس واحد هو مقياس مصالحه والفوائد التي يجنيها من هذا الدين ..
(أفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاه) وإن لم ينتفع منه تركه وتخلى عنه الى غيره حيث يظن وجود المصلحة والمنفعة ..
(فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ) فإن حصل على نفع دنيوي من مال أو جاه أو منصب أو أي امتيازات يسعى اليها الناس في الدنيا رضي بهذا الدين واستمر عليه وهو في الحقيقة اطمئنان ورضا بمصالحه ..
(وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ) أي تعرض لصعوبات الابتلاء والامتحان (انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ) بأن يرجع الى حرفه الذي يعبد الله تعالى عليه والوجه الذي كان ينظر من خلاله الى طاعة الله تعالى ويترك هذا الدين وينبذه ويرفضه ..
ولم يقل تعالى (وإن أصابه شر) لأن ما أصابه قد يكون خيراً إما في العاجل أو الآجل من الدنيا أو الآخرة، ولكنه لنظرته الضيقة الى الامور ولأنانيته وعدم امتلاكه البصيرة والرؤية الصحيحة للأمور اعتبر ما حصل شراً فانقلب على وجهه، وكأنه هو الذي يعرِّض الدين للاختبار، فإن جلب له المنفعة كان صدقاً وحقاً وإلا فلا.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.