بين (اليمن) و (سنغافورة) رجل واحد فقط

بقلم : الخضر سالم بن حليس اليافعي

أصبحت مقتنعا أكثر من أي وقت مضى أن اليمن لاينقصها شيء من المال والثروة والبشر سوى (قائد ذكي) يقودها باتجاه الانجاز .

لن نستطيع إزاحة أكوام الجهل المترسبة في بلدنا وزحزحة عجلة التنمية حتى نمتلك قائدا يمتلك قرارا سياديا شجاعا ويعمل على توحيد أكتاف اليمنيين لصنع مدينتهم الفاضلة.

إن شواهد التأريخ ومشاهدات الواقع تقول: إن التنمية تحتاج إلى قيادة سياسية ذكية تمتلك إرادة وثابة تستخرج طاقات الشعب وتصقل عضلاته وتوفر له بيئات نقية مستقرة تحفز العقل على الإبداع وتستفز الفكر للإنتاج.

تأخرت نهضة الماليزيين حتى جاء (مهاتير محمد) فأطلق المخترع الذي بداخلهم، وتأخرت نهضة الأتراك منذ عهد أتاتورك حتى جاء (أردوغان) فوحد أكتافهم وجمع عرقهم في زجاجة واحدة. وهكذا صنع أهالي كويا في نسختها الجنوبية.

حين قررت ماليزيا عام 65 التخلي عن سنغافورة بسبب خلافات حادة عم سنغافورة الفقر وهد أجسام أبنائها الصينيين، وكانت ماليزيا هي بئر الماء العذب السنغافوري، حتى غدت سنغافورة واحدة من بقع الخطر العالمي، لكنها وبعد 49 عاما استردت أنفاسها المنهكة وامتلكت اليوم أقوى جواز في العالم، واقتصادا ثريا منافسا وأعلى معدلات التعليم والدخل في الكرة الأرضية. كيف حدث هذا؟ يلخصه (لي كوان يو) مهندس النهضة السنغافورية حين رسم صورةً بقلمه لتفاصيل حياة السنغافوريين تقوم على توحيد جهودهم بقرار سياسي فذ يلبي نمط حياتهم. وسخر كل القوانين لدعم الهدف المنشود.

لقد صُنعت سنغافورة ابتداء في عقل (لي كوان يو) الشاب الذي كان يحلم أن يبني وطنا للناس وليس خاصا به. لقد كان حريصا على الكرامة البشرية لكل فرد من سكانها، حتى عكفت رئيسة وزراء بريطانيا السابقة (تاتشر) تحلل كل تحركاته وخطاباته وقراراته فقد أصبح مصدر إلهام لكثيرين.

ما كان لأهالي سنغافورة أن يصنعوا شيئا وقد كانوا مركزا للمستنقعات والبعوض حتى جاء القائد الملهم الذي قادهم نحو المنصة العالمية وحدثهم أن باستطاعتهم هزيمة الفقر والاجهاز عليه بمفردهم، وما عليهم إلا أن يطلقوا المارد الذي بداخلهم فقط.

يقول في مذكراته: “كنا دائما نختار الفرد أو العنصر الأفضل لأي مهمة أو واجب، مهما كانت انتماءاته أو أصله أو دينه، كنا نهتم بالنتيجة فقط وكنا نعلم تماما أن فشلنا يعني حروبا أهلية واندثار حلم”.

إن مذكرات (كوان) التي تحمل عنوان “قصة سنغافورة” جديرة بالقراءة والاطلاع فهي تحكي تجربة ثرية نحتاج لكل سطر فيها نقيس وننتقي. ونستقرئ رحلة بالغة الصعوبة لنموذج التحول من دولة تقبع في قاع العالم الثالث إلى دولة يشار إليها بأنها نموذج يصعب تكراره في زمن قياسي كهذا الذي حقق نهضتها الفائقة.

رسم (لي كوان يو) خريطة نمو البلدان، ناهلا من خبرته فـي تأسيس دولة سنغافورة العصرية، قائلا: (الدول تبدأ بالتعليم، وهذا ما بدأت فـيه عندما استلمت الحكم فـي دولة فقيرة جدا، اهتممت بالاقتصاد أكثر من السياسة، وبالتعليم أكثر من نظام الحكم، فبنيت المدارس، والجامعات، وأرسلت الشباب إلى الخارج للتعلم، ومن ثم الاستفادة من دراساتهم لتطوير الداخل السنغافوري).

شخصية مبهرة لايهمها غير شعبها وكيف ينبغي أن يعيش في كوكب الأرض مما حدى بالرئيس الكوري الجنوبي أن يعبر عن إعجابه البالغ بهذه الشخصية يقول: “كلما قابلت (لي كوان يو)، تأثرت تأثرا بالغا بذكائه الكبير ورؤيته الثاقبة وعمق فهمه للتاريخ والمجتمع. وبغض النظر عن موقعك في السياسة، ستجد أفكاره الحاذقة حول آسيا والعالم تشكل مصدرا للوحي الاقتصادي”.

لقد قامت سنغافورة في وسط محيط وأعاصير مشابهة للوسط الذي نقبع فيه وبلغت حد الإنهاك في واحدة من أسخن مناطق العالم سياسيا وأكثرها تقلبا من الناحية الاقتصادية.

(النهضة) قرار سياسي يصنعه قائد ويفصّل كل القوانين لتحقيقه ، شئنا ذلك أم أبينا وحين نمتلك ذلك القرار السيادي الذي يعود على أهالينا بالكرامة الإنسانية والعيش الكريم حتما سنكون أفضل ما لم فسوف تبقى اليمن بيئة طاردة للكفاءات وموطنا لايُنبت الماء والثمار؛ لأن القائد لم يصل إليها بعد.
إن الإرادة الشعبية اليمنية ستظل مبعثرة منهكة تبحث عن ظل يحميها من حرارة شمس الجوع ، تائهة تبحث كيف تبقى على قيد الحياة مالم يصل (القائد) المخلص الذي يقضي ليله ونهاره في التفكير بمصلحتها ويعيش أنين جراحات أهلها فينعشها إخلاصه بجرعات عمل متواصلة حتى تستيقظ وتتحرك نحو المقدمة.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.