فايننشال تايمز: القمع في ظل حكم السيسي يزداد.. وكورونا بات غطاء جديدا له

تحت عنوان “الحياة في ظل السيسي: القمع في مصر يزداد في وقت تصارع فيه القاهرة كوفيد-19” نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أعده أندرو إنغلاند، قال فيه إن 70 شخصا من العاملين في الطواقم الطبية كانوا من ضمن الذين شملتهم حملات الاعتقال في الأشهر الأخيرة.

وقال إن عائلة سيف اعتقدت أنها عانت الأسوأ مما يمكن أن يرميه عليها النظام المصري بشكل متتالي، فخلال سنوات النشاط للأب والام والأخوات والابن اعتقلوا جميعا لمطالبتهم بحقوق الإنسان وحريات أوسع، لكنهم شعروا بالصدمة الشهر الماضي عندما تعرض ثلاثة من أفراد العائلة للهجوم واعتقلت ابنتهم لمدة 24 ساعة، كجزء من موجات القمع التي يمارسها عبد الفتاح السيسي التي أصبحت، بحسب منظمات حقوق الإنسان، أكثر توسعا وصفاقة هذا العام.

وقالت منى سيف: “صدقا، اعتقدنا أن الأسوأ قد مضى مع السيسي، وأن كل شيء أصبح مثل آثار ما بعد الكارثة، لكن يبدو أن لديهم وقائع أخرى من العنف مخبأة لنا”. وسجنت السلطات أخ منى، علاء عبد الفتاح، وأختها سناء، حيث قالت: “لم أجرب وضعا خانقا وعلى كل المستويات” مثل هذا الوقت. وبحسب منظمة أمنستي انترناشونال فقد كانت سناء (26 عاما) من ضمن 70 شخصا، منهم 9 أطباء و5 صحافيين ومحامين اعتقلوا بطريقة “تعسفية” في الفترة ما بين آذار/ مارس وحزيران/ يونيو في الوقت الذي تواجه فيه البلاد وباء فيروس كورونا.

وقال حسين بيومي الباحث في منظمة أمنستي: “ما نراه بالتأكيد زيادة في حالات الاعتقالات، ليس من ناحية العدد ولكن من نوعية الناس الذين تستهدفهم الحكومة”.

وتراجعت ظروف حقوق الإنسان في مصر بشكل سريع في ظل السيسي، الذي كان قائدا للجيش وقاد انقلابا عام 2013 ضد الرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي.

وفي البداية كانت جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها مرسي هي مركز حملات الاعتقال التي نفذتها الأجهزة الأمنية التابعة للسيسي. وقتلت قوات الأمن 800 من عناصر ومؤيدي الإخوان في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة في آب/ أغسطس 2013 وتم سجن الآلاف منذ ذلك الوقت.

ولأن النظام كان مصمما على سحق أي شكل من أشكال المعارضة، فقد توسعت حملة القمع لتشمل الناشطين العلمانيين والصحافيين والمدونين والمحامين، خاصة أثناء الحملة الرئاسية التي فاز فيها السيسي بنسبة 98% وبعد التظاهرات النادرة التي اندلعت في أيلول/ سبتمبر 2019.

وعادة ما يقدم المعتقلون لمحاكم أمنية توجه إليهم اتهامات مماثلة لتلك التي توجه إلى المشتبه بنشاطهم الإسلامي. وفي الأسابيع الماضية أصبح الأطباء والممرضون الذين انتقدوا النظام بسبب قلة اللوازم الطبية الواقية من كوفيد-19 هدفا لأجهزة الأمن، واتهموا بنشر الأخبار الكاذبة والإرهاب.

وتم تسجيل 71.000 حالة إصابة و3.000 وفاة في مصر بسبب كورونا. ورفضت الحكومة التعليق، مؤكدة أن خدماتها الأمنية تلتزم بالقانون.

وبدأت محنة سناء عندما تعرضت مع والدتها التي كانت تنتظر معها أمام سجن طرة للحصول على رسالة من علاء، للضرب بالعصي من مجموعة من الناس فيما يعتقد أنه هجوم مدعوم من الدولة. واعتقل عبد الفتاح الناشط المعروف في ثورة 2011 في أيلول/ سبتمبر، بعد ستة أشهر من الإفراج عنه بعد قضائه حكما بالسجن لمدة خمسة أعوام، مع أنه لم يشارك في تظاهرات العام الماضي.

وبعد يوم تعرضهن للضرب، ذهبت سناء ومنى ووالدتهما إلى مكتب النائب العام لتقديم شكوى، وعندما كانت سناء تحاول عبور الحاجز، قام رجال بثياب مدنية بدفعها في سيارة صغيرة وأخذوها إلى نيابة أمن الدولة، ووُجهت لها تهمة نشر الأخبار الكاذبة والتحريض على الإرهاب وإساءة استخدام منصات التواصل الاجتماعي، وتم نقلها إلى السجن ولم تسمع عائلتها عنها أي شيء.

وشملت الاعتقالات الأخيرة نورا يونس، محررة موقع “المنصة” وخمسة من أقارب الناشط والسجين السابق محمد سلطان الذي قدم دعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد رئيس الوزراء السابق حازم البيبلاوي.

وفي دعوى بالمحكمة المدنية اتهم فيها البيبلاوي بالمسؤولية عن تعذيبه في عام 2013، حيث كان البيبلاوي رئيسا للوزراء، ويعمل حاليا مديرا في البنك الدولي.

وأفرج عن يونس بالكفالة، فيما لا يزال أقارب سلطان في السجن ووُجهت لهم تهم الانتماء لمنظمة إرهابية ونشر المعلومات المضللة.

ويقول سلطان إن سجن أقاربه ربما كان انتقاما منه لملاحقته البيبلاوي في الدعوى القضائية التي ورد فيها اسم السيسي. وقال سلطان المسجون والده الذي كان مسؤولا سابقا في نظام مرسي منذ سبعة أعوام: “يهدف قمع السيسي لتحقيق الردع، إما أن تقبل بالظلم والانتهاكات أو تسكت. ولو لم ترض فسيدفع الأعزاء عليك الثمن”.

ومثل غيره الذين قالوا إن وباء كورونا كان مبررا لتوسيع القمع الذي بدأ العام الماضي بحسب من لا يخاف النقد، خاصة أن العالم منشغل عن الانتهاكات بمحاربة وباء كورونا.

وقال ناشط حقوقي في القاهرة: “أصبحوا أكثر جرأة الآن” و”نفهم أهمية المكان الذي نحن فيه من الناحية الجيوسياسية ونتعايش معه وكل شخص (القوى الغربية) تعايشوا معه”.

ويعتبر السيسي حليفا للغرب خاصة في مجال مكافحة الإرهاب، وفي العام الماضي وصفه الرئيس دونالد ترامب بـ”ديكتاتوري المفضل”.

وقال ناشط إن ما يعزز القمع هو إرث ثورة عام 2011 ومخاوف المسؤولين من ثورة جديدة، حيث مرت الذكرى العاشرة عليها. وقال ناشط آخر: “نفس الأشخاص الذين خسروا معركة 2011 لا يزالون في الوكالات الأمنية” و”ظلوا على مدى عامين ونصف يستمعون للنقد وذكر أسمائهم مع المؤسسات التي يمثلونها ولكنهم الآن لن يقبلوا بأن ينتقدهم أحد”.

شاهد أيضاً

ثورة في الجامعات الأميركية

طلاب جامعة كولومبيا بأميركا يتظاهرون احتجاجًا على حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة