تقوى الله

الشيخ عبد الرحمن البراك

يجبُ على كلِّ مسلمٍ أن يجتنبَ ما حرَّم اللهُ عليه، وبهذا يحقِّقُ التَّقوى، فالتَّقوى هي فعلُ ما أوجبَ اللهُ وتركُ ما حرَّمَ، وكم في القرآنِ مِن الأمرِ بالتقوى، وعلى الأمَّةِ كذلك أنْ تقومَ بواجب مقاومة المنكرات وهو الأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكرِ، { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } [آل عمران:104] ومِن فضائلِ وخصائصِ هذه الأمَّة: الأمرُ بالمعروفِ؛ { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ }[آل عمران:110]،{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ }[التوبة:71] وتعطيلُ الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر تعطيلٌ لواجبٍ مِن أعظم الواجبات على الأمَّة، وهو الوسيلةُ العظمى في حماية المجتمع، في حماية المجتمع مِن الفسادِ، لأنَّ المنكراتِ هي الفسادُ، المنكراتُ هي الفسادُ، ومَن ينهى أو يمنعُ الأمرَ بالمعروفِ والنَّهيَ عن المنكرِ فإنَّه بذلك يكونُ مُقِرَّاً للفسادِ وساعيًا في نشرِ الفسادِ، وإنْ سمَّاه إصلاحًا، كما قالَ المنافقون، كما قالَ اللهُ عن المنافقين: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ } [البقرة:11] .
فمقاومةُ القيام بهذا الواجب -واجبُ الأمرِ بالمعروف والنَّهي عن المنكر- هو مِن أعظمِ مقاومةِ الحقِّ، مِن أعظمِ أنواعِ الفسادِ في الأرض، { وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا } [الأعراف:56] إصلاحُ الأرضِ بإقامةِ دينِ الله، إصلاحُ الأرضِ بإقامةِ دينِ الله؛ التَّوحيدُ، والحكمُ بما أنزلَ اللهُ، وإقامةُ الشرائعِ والواجباتِ، وتركُ المحرَّمات، هذا هو الإصلاحُ، وضدُّ ذلك هو الفسادُ. فعلى المسلمِ وعلى الأمَّةِ جميعًا أن تتضافرَ جهودُهم في القيامِ بهذا الواجب وحماية الأُسر، وحماية المجتمعِ مِن شيوعِ الفساد، بأنواعِه المنكرة، مِن شيوعِ المنكرات.
ومِن أعظمِ وسائلِ نشرِ الفسادِ في الأرض: وسائلُ التَّقنيةِ الحديثةِ، بدءاً بالإذاعات الفاجرة، والقنوات، وما بُلِيَ به أكثرُ النَّاسِ مِن الجوَّالاتِ الَّتي يتوصَّلون بها إلى مواقعِ الشَّرِّ ومواقعِ الفساد، مِن القنواتِ والمواقع، فهذه الجوَّالاتُ مَن يستعملُها ولا ينضبطُ في استعمالِها تجُّره إلى شرٍ عظيمٍ، فهي يعني تلفزيون متنقِّلٌ يُوصِلُ إلى ما تدعو إليه النّفوسُ المريضةُ، تدعو إليه النّفوسُ المريضة مِن الشهواتِ، بمشاهدةِ ما تبثُّهُ القنواتُ، وسماعِ ما تبثّهُ القنواتُ، مِن مشاهدةِ ما يُنشَرُ في المواقعِ، ومِن المواقعِ ما يُعرَفُ بالمواقعِ الإباحيَّة. فالواجبُ الحذرُ مِن هذه، فالجوَّالُ في حدِّ ذاتِهِ مَن يحسنُ استعماله يكونُ في حقِّه نعمةً، ومَن يسيءُ استعماله يكونُ في حقِّه بليَّةً، والواجبُ على المسلمِ أنْ يتَّقيَ اللهَ ويراقبَهُ في جميعِ أحوالِهِ في الغيبِ والشَّهادة، نسألُ اللهَ أن يجعلَنا مِن المتَّقين بمَنِّه وكرمِه .
 

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.