صحيفة أمريكية: نظام السيسي يستخدم أزمة كورونا لزيادة قمعه للمصريين

قال مراسل صحيفة “واشنطن بوست” في القاهرة، سودرسان راغفان، إن رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي وجد في انتشار فيروس كورونا فرصة لتشديد قبضته على السلطة. ونقل الكاتب عن ناشطي حقوق الإنسان قولهم إن الحكومة التي يدعهما العسكر قامت في الأسابيع الماضية بالإعلان عن عقوبات ضد أي شخص يناقض الرواية الرسمية عن وباء فيروس كورونا.

وتم ربط المعارضين السياسيين بالفيروس واستهدافهم. ويتعرض السجناء لعزلة عن العالم في وقت بات الفيروس يهددهم. وصادق السيسي يوم الجمعة على نسخة معدلة لقانون الطوارئ مانحا نفسه وأجهزته الأمنية سلطات واسعة. وبررت الحكومة الإجراءات المشددة بأنها ضرورية لمواجهة “الفراغ القانوني” ومنع انتشار كوفيد-19، المرض الناجم عن فيروس كورونا. ولكن الناشطين يقولون إن بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تفتح الباب أمام انتهاكات الحقوق والحريات. وقال جوي ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة “هيومان رايتس ووتش”: “تستخدم حكومة السيسي الوباء لتوسيع صلاحيات قانون الطوارئ المصري الفاسد وليس إصلاحه”، وأضاف: “يجب على السلطات المصرية معالجة مظاهر القلق على الصحة العامة بدون اللجوء إلى أدوات قمع إضافية”.

ولم ترد الحكومة على أسئلة الصحيفة. وقالت “هيومان رايتس ووتش” إن خمسة من 18 تعديلا لها علاقة بالصحة العامة. وتسمح التعديلات مثلا للسيسي بإغلاق الجامعات والمدارس والأعمال ووضع القادمين من الخارج في الحجر الصحي، فيما تسمح تعديلات أخرى له بتأجيل دفع الأجور وكذا توفير الدعم الاقتصادي للمجتمعات المتضررة. وتسمح له بتحديد التجمعات العامة والخاصة حتى في غياب أي حالة طوارئ. ومن التعديلات الأخرى تلك التي تسمح له بتقييد ومنع الناس من نقل، بيع، تصدير أي بضاعة أو خدمة أو التحكم بالأسعار.

رايتس ووتش: تستخدم حكومة السيسي الوباء لتوسيع صلاحيات قانون الطوارئ المصري الفاسد وليس إصلاحه

وأضاف ستورك أن “بعض هذه الإجراءات قد تكون مطلوبة في حالات الطوارئ الصحية، ولكن يجب عدم تعريضها للانتهاك كجزء من قانون طوارئ لم يتم إصلاحه”. وأضاف أن “اللجوء إلى الأمن القومي والنظام العام كمبرر يعكس العقلية التي تحكم مصر السيسي”.

ويرى التقرير أن الخطوات هذه هي الأخيرة ضمن محاولات السيسي فرض وإملاء إيقاعات الحياة السياسية والاجتماعية لأكبر دولة عربية من ناحية عدد السكان. وقام السيسي منذ الإطاحة بحكومة محمد مرسي المنتخبة عام 2013 بتعزيز سلطته. وسجن عشرات الآلاف من المعارضين السياسيين خاصة حركة الإخوان المسلمين المحظورة. وقمع نظامه أي شكل من أشكال المعارضة بما في ذلك حجب مئات المواقع على الإنترنت الناقدة لنظامه. ولم يتبق من المساحات المدنية خارج قبضة الحكومة إلا القليل مما يعكس ما يراه النقاد أسوأ نظام قمعي يمر على مصر في تاريخها الحديث. وتقول مي السعدني، المديرة الإدارية لمعهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط: “يمكنني وصف ما نراه في مصر أنه نافذة عن الكيفية التي تم تعزيزها على مدى السنين تتمظهر ويمكن استخدامها وسط لحظة من الطوارئ العالمية”.

وتعيش مصر منذ نيسان/إبريل 2017 في ظل قوانين الطوارئ التي تقول الحكومة إنها ضرورية لمواجهة الإرهاب وتهريب المخدرات، إلا أن النقاد يقولون إنها مبرر لتقوية سلطات السيسي. ووصف مسؤولون في الأمم المتحدة والناشطون قانون معدلا للإرهاب عام 2015، وصادق عليه السيسي، بأنه يسمح لانتهاكات أوسع لحقوق الإنسان. ويقولون الآن إن الوباء أصبح المبرر الأخير الذي يستخدمه السيسي لمواصلة انتهاكاته لحقوق الإنسان. ويرى حسين بيومي، الباحث في منظمة أمنستي إنترناشونال: “من جهة نرى مراكمة السلطة التي جمعتها السلطات في ظل السيسي والأجهزة الأمنية التي تقوم بممارستها”. ويضيف أن “الحكومة استخدمت هذه السيطرة لإدارة الوباء”. وقال: “لكننا نرى اليوم تغيرا في اللهجة، وإن لم يكن بالكامل، في استخدام الوباء لتبرير بعض الإجراءات”.

ونشر مكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الشهر الماضي تقريرا قال فيه إن 15 شخصا اعتقلوا بتهمة نشر “الأخبار الكاذبة” عن الفيروس. واعتقل طبيب وصيدلاني بسبب وضعهما أفلام فيديو على فيسبوك اشتكيا فيها من النقص الحاد في الأقنعة. واستهدفت الحكومة الصحافيين الذين قالت إنهم لا يقدمون الأرقام الحقيقية عن عدد الإصابات بفيروس كورونا. وفي آذار/مارس أمرت صحافية بمغادرة مصر لنشرها تقريرا تساءلت فيه عن حجم الإصابات وأنها قد تكون 10 أضعاف الأرقام التي تتحدث عنها الحكومة. ولم تعلن الحكومة إلا عن 9.400 حالة إصابة بالفيروس في بلد يبلغ تعداده 100 مليون نسمة. ويقول المسؤولون إن الأرقام المعلنة حقيقية.

واتهمت الحكومة جماعة الإخوان المسلمين بنشر الشائعات والأكاذيب بشأن ما تقوم به الحكومة من جهود لمكافحة الفيروس. واتهمت وزارة الداخلية الجماعة بمحاولة منع دفن طبيبة ماتت متأثرة بكوفيد-19. إلا أن الناشطين يرون في محاولة ربط الحكومة الفيروس بالإخوان مبررا لاعتقال أي شخص يشتبه بمعارضته للنظام. واستخدمت الحكومة الفيروس لإسكات السجناء السياسيين الذين تقول الأمم المتحدة إن عددهم 114.000، والذين يعيشون في ظروف مزدحمة وفي غياب الظروف الصحية المناسبة، بمن فيهم آلاف الداعين للديمقراطية والمعارضين السياسيين والمدونين والصحافيين. وبدلا من الإفراج الجماعي عن المعتقلين لمنع انتشار الفيروس كما فعلت حكومات ديكتاتورية أخرى في المنطقة، منعت السلطات زيارة العائلات والمحامين للمعتقلين. وعلق بيومي من أمنستي أن تحديد اتصال السجناء مع العالم الخارجي هو المجال الأكبر الذي تستخدم فيه السلطات مبرر كوفيد-19 لمنعهم. وعبر بيومي عن قلقه من محاولة السلطات قمع ما تبقى من حريات مدنية تحت ذريعة الوباء.

شاهد أيضاً

ثورة في الجامعات الأميركية

طلاب جامعة كولومبيا بأميركا يتظاهرون احتجاجًا على حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة