اليسر بعد العسر

﴿سَيَجعَلُ اللَّهُ بَعدَ عُسرٍ يُسرًا}

آية الطلاق ابتدأت هكذا (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا..)
فالوالد ينفق على عياله بحسب سعته وعلى قدر قدرته
فان كان ذا سعة وغنى أنفق ووسع في نفقته
ومن ضيق عليه في رزقه أنفق على قدر وسعه
وسيجعل الله له بعد هذا الضيق والعسر سعة ويسرا
(سيجعل الله بعد عسر يسرا )
أي بعد كل عسر (مثل هذا العسر ) الذي أنتم فيه سيأتيكم يسر
فجاءت كلمة (عسر) و (يسر ) نكرتين
لأن الكلام عن عسرخاص محدد, وهو الضيق وقلة المال
فيكون بعده يسر خاص وهو سعة وتوفر المال
أما الآية الأخرى (ان مع العسر يسرا )
فلفظ (العسر) جاء معرفا للدلالة على الشمول والعموم
فالألف واللام تستغرق كل عسر
وهذا العسر مهما كان فلا بد أن يكون معه يسر
وقد جاءت نكرة لتدل على أنه يسر خاص
أي أن كل عسر معه يسر خاص محدد يناسبه
فمهما وجد من ضيق , وجد معه فرج يتبعه و يذهبه
لكن ما سبب الاتيان بلفظ (مع ) , ونحن نعلم يقينا أن اليسر لا يأتي الا بعد العسر
ولا يمكن أن يكون معه
فلا بد أن يذهب أحدهما ليحل الآخر مكانه ,
فالفائدة من لفظ المعية , هو تعليق القلوب بسعة رحمة الله تعالى , وأن العسر لا ينزل الا وقد أنزل الله تعالى معه يسرا ,
وان تقدم في الحدوث الا أن الآخر سيلحقه قريبا غير بعيد , ولشدة قربه صار كأنه معه , مقترن به
فيقوى بهذا الرجاء وتتعلق القلوب بسعة رحمة الله , و ينقطع اليأس ويضمحل وبخاصة اذا علموا أن يسرين لن يغلبهما عسر واحد.

آية تسكب الأمل، وتبعث على الفأل، فما على العبد إلا أن يحسن الظن بربه، ويفعل الأسباب، ثم ليبشر.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.