رشى وتكدس وقصص إنسانية.. انطباعات صحفية من داخل أكبر سجن للنساء في مصر

بعد ساعة تحركت فيها السيارة عبر أحياء عديدة في أطراف العاصمة المصرية القاهرة، توقفنا أخيرا أمام الباب الرئيسي الذي تعلن عنه بخط عريض لافتة كتب عليها باللغة العربية “منطقة سجون القناطر” ويرفرف فوقه العلم المصري بألوانه الثلاثة.

بهذه المقدمة يبدأ مقال على مدونة “دار الصحفيين” في موقع ميديا بارت الفرنسي، تصف فيه الكاتبة التي اختارت عدم ذكر اسمها، زيارة قامت بها مع مجموعة من الصحفيين لسجن القناطر الخاص بالنساء في مصر.

تقول المدونة إن “هذا المجمع يضم السجن الوحيد الكبير للنساء في مصر، بالإضافة إلى قسم للمحتجزين الأجانب والمصريين، وفي قسم النساء من هذا السجن -حسب زائر دائم- يوجد حوالي ألفي محتجزة حاليا من بينهن مئتا أجنبية، على الرغم من أنه مصمم لنحو 1200 شخص كحد أقصى، كما يوجد 250 سجينا رجلا، من بينهم 160 مصريا و90 أجنبيا”.

وأشارت المدونة إلى أن بونسي -وهو من جمهورية الكونغو الديمقراطية- يتابع بعناية القواعد الرئيسية المطبقة في السجن، حيث لا هواتف ولا معدات إلكترونية والهوية الشخصية الإلزامية، علما بأنه يزور السجناء هنا منذ 23 عاما، جنبا إلى جنب مع بعض أعضاء كنيسة المجتمع بالمعادي، وذلك لتقديم الدعم للمحتجزين الأجانب من خلال الزيارات المنتظمة والتشاور مع المحامين والسفارات، وتوصيل المواد الغذائية والإمدادات العامة.

وبعد وصف الطوابير وتبادل الناس للنظرات والحديث فيها، ووصف ما يحملونه، تعرج المدونة على نشوء جو إنساني في مكان محصور يختلط فيه أناس متنوعون، من نساء ورجال وأطفال، من مناطق مختلفة وفئات اجتماعية وجغرافية ومستويات تعليمية وأعمار شتى.

وقالت المدونة إنها لم تستطع إلا أن تلاحظ تبادل النقود (البقشيش) عند الباب الأمامي، رغم أن الصادر في “قواعد السلوك من وزارة السجون الدولية” والذي أرسله لها بونسي قبل الزيارة يحذر من إعطاء أي بقشيق لأي عضو من موظفي السجن.

وتصف المدونة التفتيش الشامل من قبل الشرطة، وتعرج على الممرات الداخلية للسجن، والانتظار الطويل مرة أخرى للعثور على مكان في السيارات التي تجرها الجرارات المؤدية إلى القسم النسائي للسجن.

تدهور ظروف السجناء
وبعد تجاوز الإجراءات الأمنية المشددة أمام المبنى المخصص لاحتجاز النساء والأجانب والمصريين، ولجت المدونة إلى ساحة تقف وسطها صورة كبيرة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسى مصحوبة بالأهرامات ومسجد محمد علي وتحيط بها شعارات وإعلان باللغة الإنجليزية يعرّف مصر بأنها أفضل بلد على الإطلاق.

قابلت المدونة سجينة سودانية اسمها ندى قالت إن “صحتها تدهورت جسديا ونفسيا”، وبدا أن حالتها البدنية والعقلية تزداد سوءا مثل معظم المعتقلين الآخرين.

وقالت المدونة إن أسباب التوقيف قد تكون متنوعة ومتناقضة أحيانا مع الإدانة الرسمية المعلنة، مشيرة إلى أن من بين مجموعة المعتقلين الأجانب الذين تزورهم كنيسة المعادي الأهلية بانتظام، هنالك بعض الأشخاص قد أدينوا بالقتل والمخدرات والسرقة والاحتيال والدعارة والخطف والهجرة، وهم يأتون من بلاد عديدة.

ورغم وصفها الدقيق لكل ما تمر به، فإن صورة سجن القناطر النسائي لن تكتمل -كما تقول المدونة- دون ذكر نوع آخر من المحتجزين، حيث من الممكن العثور على سجناء سياسيين، جريمتهم هي أنهم عارضوا القصة الرسمية للدولة.

وهذه هي حالة فتاة تبلغ من العمر 21 عاما من قرية في محافظة المنوفية، قالت المدونة إنها لم تقابلها شخصيا لأنها لم تكن من مجموعة الأشخاص المعينين لها، إلا أنها عرفت قصتها من خلال عائلتها أثناء الانتظار قبل بدء الزيارة.

ونقلا عن أُم هذه الفتاة، تقول المدونة، إنه “تم احتجازها لمدة 45 يوما، بعد أن اختطفت من منزلها عقب نشرها كلاما على موقع فيسبوك تدين فيه اعتقال العديد من الأبرياء في مصر”، ومن المفارقات حسب أمها أنها “أصبحت الآن واحدة من هؤلاء المعتقلين.. هذا ما يحدث في مصر”.

وبسبب حاجة هذه الفتاة إلى الدواء بانتظام، تأتي الأسرة كل أسبوع وهي تحمل الدواء والطعام، إلا أن والدتها التي يوحي وجهها بمعاناة داخلية عميقة، ليست لديها أي معلومات عن محاكمتها أو إطلاق سراحها، وهي تنتظر، بدعم من أختها وفتيات أخريات، على أمل أن ينتهي هذا الكابوس قريبا.
اعلان

وتختم المدونة بأنها غادرت سجن القناطر وهي تحمل في ذهنها صور العديد من ضباط السجن والأصوات الصاخبة التي ترددت في جميع أنحائه، وفي قلبها قصص بعض السجناء مع العديد من الأفكار حول قيمة كلمة “الحرية، “.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.