بعد شجبها لـ”خطة ترامب”: هل بصقت تونس في الصحن الأمريكي؟

تقدمت تونس، إلى جانب إندونيسيا، هذه الأيام، بمشروع قرار إلى مجلس الأمن في الأمم المتحدة يشجب صفقة القرن الأمريكية والحديث عن ضم محتمل للمناطق من جانب إسرائيل. وهكذا تقف تونس بوضوح ضد الولايات المتحدة ذات القوة العظمى التي تساعده مالياً وفكرياً على تثبيت الديمقراطية، ويدور الحديث عن ضم مساعدة بحجم أكثر من مليار ونصف دولار، منذ الربيع العربي في 2011. وبدلاً من إسداء الشكر للولايات المتحدة، تبصق تونس في البئر الذي تشرب منها. هذه هي السياسة المتشددة لقيس سعيد، الرئيس التونسي حديث العهد.

 إن مشروع القرار التونسي إلى مجلس الأمن يعزز ميل تصليب المواقف الذي بدأ مع انتخاب سعيد، رجل القانون وعديم التجربة السياسية، لرئاسة الدولة في تشرين الأول من العام الماضي. يتبنى سعيد أفكاراً قومية عربية معلنة، يؤمن بعروبة تونس كجزء من الأمة العربية الكبرى، ومن هنا أيضاً ينشأ عداؤه لإسرائيل. في حملته الانتخابية للرئاسة وفور انتخابه، تحدث بحدة متطرفة تجاه إسرائيل. وضمن أمور أخرى، قال إن تونس هي في حرب مع إسرائيل الصهيونية، وإن كل من يطبع العلاقات معها خائن وسيتهم بالخيانة العظمى، وإن العقاب التي عليها -حسب الدستور التونسي- هو الإعدام. إضافة إلى ذلك، سيمنع سعيد دخول اليهود من حملة جوازات السفر الإسرائيلية إلى تونس.

هذه التصريحات الحادة تتناقض والصورة المعتدلة والبراغماتية التي تحاول تونس اتخاذها لنفسها منذ دعا زعيمها الأسطوري، حبيب بورقيبة، للاعتراف بإسرائيل منذ العام 1956. لقد ادعت تونس بأنها ساهمت في مسيرة أوسلو، وفي العام 1996 فتحت مكتب مصالح في إسرائيل بمكانة دبلوماسية كاملة.

في المغرب العربي، تونس والمغرب تعتبران ذات توجه واع وواقعي تجاه إسرائيل. أما مواقف سعيد المتطرفة فمقلقة في ضوء الصلة التاريخية القديمة بين اليهود وتونس. كنيس الغريبة في جزيرة جربة هو هدف تقليدي ودائم لحجيج اليهود، بمن فيهم الإسرائيليون. وزيارة الكنيس، والمشاركة في الصلاة والاستماع إلى الأشعار هي تجربة خاصة عشتها بنفسي. جربة مكان حجيج يجتذب إليه آلاف اليهود من أرجاء العالم. وكانت رحلات جوية من إسرائيل إلى الجزيرة للمشاركة في احتفالات الهيللوليا.

الرئيس سعيد، كما يبدو، يريد أن يمس بكل هذا ويمنع الإسرائيليين من المشاركة في تقاليد تعود إلى عشرات السنين. فالهيللوليا في جربة هي ذات طابع ديني صرف وعديم كل صلة سياسية. والرئيس سعيد، بمواقفه المتطرفة، يمس بالتقاليد اليهودية. على الولايات المتحدة أن تدخل في الصورة وتشرح للرئيس الجديد حساسية هذا الأمر. إن تجنيد الدول الأوروبية، ولا سيما فرنسا ماكرون، في الجهود الإعلامية هذه يعد أمراً حيوياً.

وإذا كان رئيس الوزراء يريد أن يهتم للمغرب بصراعها ضد جبهة البوليساريو، التي تحظى بدعم الجزائر في إقليم الصحراء الغربية، فمن واجبه أن يكرس جهداً للحفاظ على الصلة اليهودية التقليدية لتونس.

شاهد أيضاً

ثورة في الجامعات الأميركية

طلاب جامعة كولومبيا بأميركا يتظاهرون احتجاجًا على حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة