“ما خفي أعظم” يكشف خفايا قرصنة “بي إن سبورت” في السعودية

كشفت قناة “الجزيرة” القطرية من خلال برنامجها الاستقصائي “ما خفي أعظم” الذي يعده ويقدمه الصحافي تامر المسحال، عن تورط رجل الأعمال المصري أحمد أبوهشيمة ورجال مخابرات سعوديين وشركات في مصر والمملكة وموظفين في “بي إن سبورت” نفسها- في عملية قرصنة كبرى هي الأكبر من نوعها تعرضت لها الشبكة القطرية لأكثر من سنتين.

ففي حلقة بعنوان “خلف الستار”، أزاح البرنامج الستار عن حيثيات عملية القرصنة، وكشف المحاولات الساعية إلى تخريب عمل قنوات “بي إن سبورت” من أجل إنشاء منصة إعلامية جديدة تتخذ من السعودية مقرا لها، قبل أن يبدأ التفكير في محاولة نقل هذه القناة المقرصنة إلى بلد عربي إفريقي لمواصلة المهمة، خاصة بعد الضغوط الكبيرة التي تعرضت لها السعودية من طرف أهم المؤسسات الرياضية في العالم على غرار الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” وأكبر الاتحادات الدولية لكرة القدم في صورة الاتحادات الإنكليزي والإسباني والألماني.

كما أظهر البرنامج فيديوهات حصرية تبث لأول مرة من داخل المقر الذي تم إعداده للقيام بسرقة محتويات البث الرقمي لقنوات “بي إن سبورت”، وهي المالك الحصري لأشهر البطولات الرياضية العالمية والإقليمية بالإضافة إلى محتويات ترفيهية أخرى. وكشف البرنامج أن مقر القناة المقرصنة واسمها “بي آوت كيو” يقع بحي القيروان بالعاصمة السعودية الرياض بعدما تم تجهيزه بكافة التجهيزات اللوجستية والتقنية والأجهزة الرقمية للقيام بعملية القرصنة.

وكشف البرنامج أن عملية القرصنة هذه تسببت في خسائر مادية تقدر بمليارات الدولارات لشبكة “بي إن سبورت”، حيث خسرت القناة مليار دولار في ظرف 6 أشهر فقط.

وأظهرت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة القطرية تورط ثلاثة أشخاص يعملون بشبكة “بي إن سبورت” في تسريب معلومات خطيرة لجهات أجنبية في مصر والسعودية، كما تم الكشف عن دخول أحد المتهمين الثلاثة إلى السعودية بعد الحصار بدون تأشيرة، حيث التقى الضابط في الاستخبارات السعودية ماهر المطرب في المطار، وهو ما جعل النيابة العامة القطرية توجه له تهم التخابر مع مصر والسعودية للمتهمين الثلاثة في هذه الجريمة العابرة للقارات.

وكشف البرنامج عن اعتقال المتهمين الثلاثة في “بي إن سبورت” في نوفمبر 2018، وهم: علي محمد محمد سالم، وعمر نجيب شوق، ووليد عبد العزيز عبد الحليم، وقد مارسوا أنشطتهم منذ عام 2016 إلى 2018، حيث سعوا للتخابر مع دولتين أجنبيتين هما مصر والسعودية، بهدف الإضرار بدولة قطر.

وتحدث البرنامج عن وجود تحويلات مالية ووثائق سرية تؤكد العلاقة التعاقدية بين مفلح الهفتاء رئيس مجلس إدارة شركة المدينة الإعلامية شماس، ورائد خشيم الرئيس التنفيذي لشركة سيلفيجون، وبين شركة القمر الصناعي عربسات الذي يتخذ من السعودية مقرا له.

وقال محمد العامري وكيل نيابة أمن الدولة إن “الخلية” سهلت دخول وفد مصري تابع لرجل الأعمال المصري أحمد أبوهشيمة إلى مقر مجموعة “بي إن” الإعلامية في أغسطس 2016، وخلال الزيارة اطلع الوفد على الأجهزة وعلى مرافق “بي إن” وغيرها من الإمكانات التي تملكها المجموعة الإعلامية، مضيفا أنهم قد تأكدوا لاحقا أن من ضمن الوفد كان هناك ضابط في الأمن القومي المصري.

وكشف البرنامج عن تكفل أبو هشيمة المرتبط بالمخابرات بتغطية نفقات تحركات “الخلية”، وأنهم اجتمعوا به وبضباط من الأمن القومي المصري أكثر من مرة، وكانوا يتلقون راتباً شهريا يقدر بـ5 آلاف دولار.

ومن ضمن المعلومات التي كشفها البرنامج أن الخلية سهلت في أغسطس 2016 زيارة وفد مصري إلى مجموعة “بي إن سبورت” ومعهم ضابط في الأمن القومي المصري، وسبق ذلك تسريب معلومات حساسة متعلقة بالمجموعة إلى أبو هشيمة ومن بينها عقود العمل ودراسات ومشاريع مستقبلية للمجموعة، وبكم هائل من المعلومات وكشف يضم أسماء جميع العاملين في المجموعة والجزيرة، كما كشف أن الخلية كبدت المجموعة خسائر تقدر بـ60 مليون دولار بسبب إيميل واحد لعلي سالم.

وقال علي بن فطيس المري النائب العام القطري إن القضية أمام محكمة الجنايات بشكل رسمي، وقد وفر للمتهمين كافة الضمانات، بما في ذلك حق الدفاع من محامين ومختصين للدفاع عنهم، وأضاف: “نحن أمام سرقة دولة وكل الأدلة تدين السعودية في هذه الجريمة الإلكترونية”.

وقال ديفيد سوغدن مدير التواصل في “بي إن سبورت” لتامر المسحال إن بث المحتوى الخاص بجهة أخرى بالكامل هو أمر غير مسبوق ولا مثيل له. وأشار إلى أن أول ظهور للقناة السعودية المقرصنة “بي آوت كيو” كان في شهر يوليو 2017 (بعد أقل من شهر من بدء الحصار على قطر من طرف السعودية والإمارات والبحرين ومصر)، وهو الأمر الذي جعل سوغدن يستنتج أن الهدف الأساسي من القرصنة سياسي بحت، ولا علاقة له بالرياضة أو التنافس الرياضي.

وأضاف أن القراصنة تلاعبوا بالكلمات نكاية في قطر، فبدلا من “بي إن” كتبوا “بي آوت” أما “كيو” فهي تعني قطر بالتأكيد. وهو نفس ما ذهب إليه النائب العام علي بن فطيس المري بأن جريمة سرقة محتوى “بي إن سبورت” هي قرصنة دول الهدف منها سياسي أكثر منه تجاري، لأن الخسارة فيها أكثر من الربح. فيما قال سعد جبار خبير القانون الدولي إن القرصنة منظمة بالدليل القاطع لأن الحكومة السعودية لم تكلف نفسها حتى مجرد إجراء تحقيق للكشف عن الاتهامات بالقرصنة.

شاهد أيضاً

صفقة التبادل أم اجتياح رفح؟.. خلاف يهدد الائتلاف الحكومي بإسرائيل

تصاعد النقاش في الساعات الأخيرة داخل إسرائيل بشأن تحديد أولويات المرحلة المقبلة ما بين التركيز على التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى تتيح عودة المحتجزين