أحرقناه كما أحرقوه..

بقلم الشيخ سفيان ابو زيد

تأتي ذكرى إحراق المسجد الأقصى المبارك لنتذكر فيها غفلة وضعفا وهوانا أصابتنا، استطاع من خلالها العدو أن يتسلل إلى معلم مقدس من مقدساتنا أمرنا أن نشد إليه الرحال في كل زمان ومكان وحال، لتبقى صورته حاضرة واضحة في أذهاننا، ولتبقى روحه سارية في كياناتنا، وليستمر ذكره على ألسنتنا، ولتظل ثقافته معلومة عند كبيرنا وصغيرنا، وليبقى تاريخه متجددا محروسا من أي تحريف أو دس في دواويننا وفي فصول مدارسنا ومدرجات جامعاتنا.

فلما غاب ذلك الشد واندثر، وانطفأت جذوة تلك الروح، وانقطع ذلك الذكر، وتسطحت تلك الثقافة وتضحلت، وتهرأ ذلك التاريخ حتى خرقته دسائس السوس من هنا وهناك جاءت محطة الإحراق المادي والتي سبقت بمحطات إحراق معنوي، وما دام الحال هكذا فإن عمليات الإحراق مستمرة وستستمر وتتعدد أشكالها وألوانها، حتى تأتي أجيال لا تعرف للأقصى صورة، ولا لمكانه وجهة، ولا لمكانته قيمة، ولا لمناقبه وقدسيته ذكرا، ولا لتاريخه حراسة وعلما وتعلما، ولا لفقهه فهما وتأصيلا…
عندها سيجهز عليه الإجهاز الأخير ولن تبكيه باكية!!!
لذلك فلنكف عن إحراقه قبل أن نندد بإحراقهم، ولنشعل مشاعل حضوره ورسوخه قبل أن يغيب ويندثر في غياهب وظلمات النسيان، ونشع ثقافته ومكانته في مناهجنا ومقرراتنا حتى نبقي على بقيته في أذهاننا ومفاهيمنا، ليكون ذلك طريقة لاستعادته إلى حاضرتنا وحوزتنا..
نسأل الله أن يعجل بذلك..

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.