استشراء العنف والجريمة في أراضي 48 واتهامات للشرطة الإسرائيلية بالعمل حسب “فخار يكسر بعضه”

وديع عواودة

دعا النائب العربي في الكنيست أيمن عودة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لتحمل مسؤوليته عن تفشي العنف والجريمة داخل أراضي 48 وكشف أن وزير الأمن الداخلي غلعاد أردان يمنع لقاء القائد العام للشرطة مع قادة فلسطينيي الداخل بهدف تداول موضوع العنف.

وبالتزامن تتواصل أعمال الجريمة والعنف المستشرية في الشارع العربي فيما تكف الشرطة الإسرائيلية عن ملاحقة المجرمين ومكافحة الجريمة بهدف ضرب مناعة المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل وفق اتهامات قادة فلسطينيي الداخل. يشار إلى أن أراضي 48 شهدت منذ 2000 ارتفاعا كبيرا في عدد جرائم القتل في ظل انتشار سهل وواسع لسلاح معظمه يسرب من الجيش الإسرائيلي، ونشوء منظمات إجرام، ويعتقد قادة فلسطينيي الداخل أن السلطات الإسرائيلية تعمل بموجب خطة خبيثة نقوم على مبدأ ” فخار يكسر بعضه” منذ أن شاركوا في هبة القدس والأقصى والانتفاضة الثانية عام 2000.

وشهدت الأيام الأخيرة أعمال سطو مسلح في الليل والنهار داخل البلدات الفلسطينية في الداخل، من ضمنها قيام جناةٌ مُلثّمين بتنفيذ عمليّة سطوّ مُسلّح استهدفت محلًّا للمجوهرات في قرية دير الأسد في الجليل عند فجر الأربعاء.

وفي شريطٍ مُصوّر من كاميرات المراقبة في المكان يظهر الجُناة يقتحمون المحل ويسرقون منه المجوهرات، بينما آخرون يُشهِرون سلاحهم ويطلقون النار في الشارع الرئيسي لمدّة عشر دقائق متواصلة باعثةً الرعب في قلوب السكان.

وحاول أصحاب المحل وعدد من الجيران التصدي لعملية السطو، إلّا أنّ الجُناة باشروا بإطلاق النار صوب منازلهم، ممّا حال دون خروجهم من البيت خشيةً على حياتهم. كما أفاد شهود عيان، أن الشرطة الإسرائيلية وصلت الى مكان الجريمة متأخرة 45 دقيقة بعدما لاذ الجناة بالفرار، بحجّة معالجة حادثيّ إطلاق نار وسطو مُسلّح آخريْن في البلدات المجاورة.

في رسالة شديدة اللهجة للقائد العام للشرطة، طالب النائب أيمن عودة بتحمّل المسؤولية على سلامة المواطنين العرب في بلداتهم وبيوتهم. وتابع: “أصبحنا نعيش في أجواء برّية مثل الغرب المُتوحّش التي كُنّا نراها في أفلام هوليوود، والتي جلبها علينا تقصير الشرطة في جمع السلاح ومحاربة الجريمة والعنف المستشري في شوارعنا وبلداتنا العربيّة، وعدم قدرتها لأن تكون رادعًا لعصابات الإجرام”.

وطالب عودة القائد العام للشرطة الإسرائيلية بالتدخل الفوري لإلقاء القبض على الجُناة، وجمع السلاح والمباشرة في التحقيق الداخلي بالشرطة حول تقصيرها في قدرتها على رّدع عصابات الإجرام.

وخلص عودة للقول: “وزير الأمن الداخلي غلعاد أردان يمنع لقاء القيادات العربيّة من القائد العام للشرطة لمحاربة العنف والجريمة في المجتمع العربي، فهو يعلم مُتيقّنًا أنّ تقصير الشرطة هو السبب المباشر لانتشار فوضى السلاح ويريد تحميل وزرها على أعضاء الكنيست من أجل التنصل من المسؤولين”.

وفي رسالته، ذكر عودة حادثة السطو المُسلّح في دير الأسد وحالة إطلاق النار في طمرة قبل عدّة أيّام على مرأى ومسمع رجال الشرطة الذين لم يبرحوا مركباتهم. لافتا إلى أن الحوادث الأخيرة لإطلاق النار العشوائي تُمثّل تخطّي الحدود السوداء لحالات العنف والجريمة المُستشرية في شوارع البلدات العربيّة، حتى وصل السطو المُسلّح وإطلاق النار على البيوت.

كما وطالب النائب عودة بمباشرة التحقيق في عمل الشرطة وتقصيرها في البلدات العربيّة وتعاملها مع بلاغات السكان حول وقوع الجرائم. وتابع: “لا يُعقل أن تصل الشرطة في تأخير 45 دقيقة في حالات إطلاق نار عشوائي في شوارع المدينة”.

في مهب العنف
وحسب مسح العنف المجتمعي الذي تم إنجازه وعرضت نتائجه المركزية في مؤتمر “في مهب العنف” الذي عقد في الناصرة هناك نحو 1.5 مليون فلسطيني يقيمون في إسرائيل ويشكلون 17% من مجموع السكان، في مجتمع يعتبر فتياً حيث يشكل الأطفال والأولاد (جيل 0-17) 40% منه ويبلغ متوسط حجم الأسرة 3.9 فردا. من خلال هذا المسح تم فحص بعض خصائص المجتمع وعلاقتها بالعنف المجتمعي وفي سياق رأس المال الاجتماعي يتضح أن نصف فلسطينيي الداخل يصرح بأنه راض عن حياته بشكل عام مع بعض التباين بين المناطق المختلفة والبلدات.

كما أشار أكثر من 90% الى رضاهم عن علاقاتهم في مكان عملهم ومما يلفت الانتباه النسبة المرتفعة للأشخاص الذين أشاروا الى عدم الثقة بين الناس وبالآخرين. ومن حيث جودة الحياة فقد أكد حوالي 40% بأنهم لا يشعرون بالأمان عند تجولهم ليلاً في حيهم أو بلدهم، في حين صرح 21% بهذا الخوف أثناء النهار أيضا. ويجمع ما بين 33% الى 45% على انتشار المخدرات، الكحول، ظاهرة الأتاوة والجريمة المنظمة في المجتمع العربي في حين يصرح 74% عن وجود للسلاح في بلداتهم. ويعزو 80-85% من الجمهور وجود وانتشار هذه الظواهر الى عدم اهتمام السلطة الإسرائيلية بمحاربتها وتهاون الشرطة في علاجها ومنعها.

العنف ضد النساء
وفي هذا السياق يتضح أن 12.1% من الجمهور يشرعنون العنف ضد النساء، كما أن 70% يوافقون على وجوب منح النساء حقوقاً متساوية ومع ذلك فإن 57% من الجمهور لا يعتبر أن من حق المرأة تقديم الشكوى في حال تعرضها للضرب من قبل زوجها. ولا يزال ثلث جمهور الرجال (33.8%) وربع جمهور النساء (25.6%) تقريباً يعتبرون استخدام العنف وسيلة جيدة للتربية. في حين يعتبر 19% استخدام العنف أداةً جيدة لحل المشاكل و20% يعتبرون الأخذ بالثأر هو حق لذوي ضحايا القتل. كما يرى أكثر من 68% بأن هنالك عمليات تعنيف للمعلمين في المدارس. ومن المثير للانتباه بأن معظم الجمهور (75.9%) يرون بأن الدولة معنية بانتشار العنف في البلدات العربية وبأن الأحكام الصادرة بحق مرتكبي العنف غير شديدة. وفيما يخص العادات العربية يرى 44.4% من الجمهور بأنها تشجع العنف في المجتمع.

ويضع نصف الجمهور ( 52.1%) مشكلة العنف على رأس سلم المشاكل من حيث خطورتها على المجتمع تليها القوانين العنصرية والظروف الاقتصادية الصعبة.

ربع العائلات تعرضت للعنف

وفيما يخص التعرض للعنف، تشير المعطيات الى أن 27% من الأسر العربية تعرضت لأحد أشكال الاعتداء في السنة الأخيرة وترتفع هذه النسبة في منطقة النقب الى 38.5% ويعتبر الاعتداء على الممتلكات هو الأكثر انتشاراً يليه الاعتداء الكلامي. يشار الى أن 18% من الاعتداءات عامةً حدثت في البيت.

وفيما يتعلق بالتعامل مع العنف والاعتداءات، فقد أشار 35.9% من الأشخاص الذين تعرضوا للاعتداء إلى عدم التبليغ عنه وتظهر النسبة الأعلى للتبليغ في حالات حدوث الاعتداء خارج البلدة او في البلدات اليهودية أو مكان العمل مقابل حالات الاعتداء في البلدة أو حي السكن أو البيت.

ويفسر 54% من المعتدى عليهم عدم التبليغ باعتبار الحادثة بسيطة وليست خطيرة في حين أشار 57.5% الى عدم رغبتهم بتدخل الشرطة و37.8% الى خوفهم من الانتقام مقابل 13.1% الذين صرحوا بأنهم قاموا بحل الشكال بطريق غير سلمية. ويتضح أن حوالي ربع فلسطينيي الداخل (24.7%) تعرضوا بشكل شخصي لشكل من أشكال العنف، في حين أشار 67.8% بأنهم شاهدوا حالات عنف و10% مارسوا بأنفسهم العنف ضد آخرين في السنة الأخيرة التي سبقت المسح أما الأشخاص الأكثر تعرضاً للعنف فهم العاملون في تقديم الخدمات.

علاقة عكسية
ووفق المعطيات تتضح العلاقة العكسية بين ممارسة العنف والوضع الاقتصادي للفرد والأسرة ودرجة تحصيله العلمي. كما أن حوالي 10% من الاعتداءات كانت تحرشات جنسية والتي كان المعتدي في 57.8% منها شخصاً معروفاً للضحية. وفي سياق الآفات المجتمعية فيجمع 74.5% من الجمهور على انتشار الأسلحة النارية في بلداتهم في حين يشير 45.3% الى وجود ظاهرة “الحماية المشروطة- الخاوة” و33.6% الى وجود مجموعات إجرامية في بلداتهم. يشار الى أن 4.6% صرحوا بقيامهم باستخدام السلاح مرة واحدة على الأقل في السنة الأخيرة و1.2% بتعاطيهم بـ”الخاوة” ويعزو معظم الجمهور (87.7%) انتشار هذه الظواهر الى عدم اهتمام السلطة والحكومة إضافة الى تهاون الشرطة في علاجها.

من جهة أخرى، هناك إجماع عام بأن المؤسسات الرسمية (الجهاز القضائي، الشرطة وغيرها) ومؤسسات المجتمع العربي (الهيئات الاجتماعية والسياسية) لا تقوم بالدور الكافي في محاربة العنف. يشار الى أن الإطار الأكثر تقديرا هو لجان الصلح في البلدات العربية حيث قيم 75.1% من الجمهور عمل هذه اللجان بالجيد او الجيد جداً.

تأتي هذه المعطيات المركزية لتشكل أساساً علمياً موثوقاً لعملية تخطيط استراتيجي نحو التدخل متعدد الجوانب لكبح جماح ظاهرة العنف كما أكدت الناطقة بلسان جمعية الجليل للبحوث الصحية نورة عدوي.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.