عسل الربيع يتدفق في غزة رغم ضغوط الاحتلال

الاناضول

الاحتلال الإسرائيلي عمل طيلة السنوات الماضية على تجريف الأراضي الزراعية قرب حدود غزة وقطع أشجار الحمضيات ما أثر سلبا على إنتاج العسل بالقطاع
حيث نفث المزارع أحمد زعرب دخانا أبيض اللون من جهاز خاص يسمى “المدخن” باتجاه خلايا النحل في مزرعته جنوبي قطاع غزة، لتسارع أسراب النحل بالتحليق خارج بيوتها الخشبية قبل أن تبدأ عملية قطف عسلها.

وبهدوء شديد يبدأ “زعرب” بفتح الخلية الأولى وإخراج ألواح الشمع المحاطة بإطار خشبي لتعود أسراب النحل وتهاجمه بإبرها لكن دون جدوى فهو يرتدي قفازات وبدلة قطف العسل البيضاء (آفارول) التي تغطيه بالكامل.

وبواسطة فرشاة ينفض المزارع الفلسطيني النحل المتبقي على لوح الشمع قبل أن ينقله لصندوق خشبي فارغ كان قد أعده مسبقا وأغلق جميع منافذه بقطع الإسفنج حتى لا يتسلل النحل أو الحشرات إليه.

ويكرر “زعرب” هذه العملية مع كافة ألواح الشمع الموجودة في خلية النحل وينقل بعد ذلك صندوقه الخشبي إلى غرفة خاصة لتبدأ مرحلة استخراج العسل.

وتتم هذه المرحلة عبر كشط ألواح الشمع بواسطة مشط معدني ليخرج العسل ذهبي اللون ممزوجا بفتات شمع النحل، ويتجمع داخل وعاء معدني كبير في أسفله صنبور يحتوي على مصفاة.

وما أن ينتهي المزارع “زعرب” من كشط جميع ألواح الشمع التي تم جنيها وتجميع عسلها داخل الوعاء حتى يفتح الصنبور ليمر العسل عبره إلى وعاء آخر مصفى بشكل شبه كلي من قطع الشمع.

وفي المرحلة النهائية، يصفي النحال الفلسطيني العسل بواسطة قطعة شاش بيضاء ليتخلص كليا من أي شوائب علقت به خلال استخراجه؛ ليعمل فريق من العمال على تعبئته بأوعية زجاجية وبلاستيكية.

وبعد استخراج العسل من ألواح الشمع المحاطة بإطارات خشبية يعيد “زعرب” تلك الإطارات للخلايا حتى يملأها النحل بالشمع والعسل إلى حين موعد قطافها الثاني خلال هذا العام في سبتمبر/ أيلول المقبل.

ولكن كميات العسل التي جمعها المزارع الفلسطيني تعادل نصف ما كان يجمعه قبل عدة أعوام، وذلك بسبب تجريف القوات الإسرائيلية لمعظم الأراضي الزراعية وأشجار الحمضيات بالمناطق القريبة من حدود قطاع غزة.

ويقول زعرب لمراسل الأناضول: “كنا نستخرج قبل نحو 8 أعوام قرابة 15 كغم عسل من كل خلية، لكن في هذا الموسم حصلنا على 8-10 كغم فقط بسبب قلة المراعي بقطاع غزة”.

ويضيف: “عملت قوات الاحتلال الإسرائيلي طوال السنوات الماضية على تجريف الأراضي الزراعية قرب حدود غزة وقطع أشجار الحمضيات، وهذا السبب الرئيسي في انخفاض إنتاج العسل”.

ويملك النحال “زعرب” 450 خلية نحل موزعة على 3 مواقع في مدينة رفح، جنوبي القطاع، حيث تقع بالقرب من الحدائق وأشجار الحمضيات.

وحسب بيانات وزارة الزراعة الفلسطينية، يوجد في قطاع غزة قرابة 20 ألف خلية نحل، ويبلغ معدل إنتاج كل خلية بموسم الربيع ما بين 8-10 كغم من العسل ونحو 5 كغم بموسم الصيف، بإجمالي إنتاج سنوي يصل إلى 250 طن.

ويجني مزارعو غزة العسل مرتين في السنة الأولى في الربيع في شهر إبريل/ نيسان، والثانية بنهاية الصيف في سبتمبر/ أيلول.

ووفق النحال “زعرب” فإن إنتاج مناحل قطاع غزة في موسم الربيع يبلغ نحو 200 طن من العسل، فيما لا يزيد الإنتاج بالصيف عن الـ50 طنا.

وينتج النحل العسل في موسم الربيع بعد أن يكون قد تغذى على رحيق أزهار أشجار الحمضيات، فيما يتغذى بالصيف على أزهار أشجار “الكينية”.

ويقدر “زعرب” احتياج قطاع غزة من العسل سنويا بنحو 400 طن تنتج المناحل 250 طنا منها محليا ويتم استيراد الكميات المتبقية.

ويبلغ ثمن الكيلوجرام الواحد من العسل الفلسطيني المنتج في غزة 70 شيكل (نحو 19 دولارا) فيما يتراوح سعر الكيلوجرام من العسل المستورد بحسب جودته وبلد إنتاجه ما بين 15-100 شيكل (4-27 دولارا).

ويواجه مربو النحل في غزة مشكلة في بيع إنتاجهم، فكما يقول المزارع “زعرب”، فإن “العسل المستورد يدخل إلى القطاع قبل عدة أسابيع من موسم إنتاج العسل المحلي، وبسبب سعره المنخفض يقبل الناس عليه”.

ويضيف: “عندما نطرح منتجنا من العسل في السوق لا نجد إقبالا جيدا عليه ما يضطرنا لتخفيض سعره وتحمل خسائر كبيرة”.

وتربية النحل في فلسطين من أقدم المهن، فلا زالت توجد كثير من طوائف النحل تعيش في الجبال الشمالية من فلسطين، كما كان قدماء الفلسطينيين يربون النحل في خلايا فخارية تشبه الأنابيب وتوضع فوق بعضها، وقد تصنع من الطين والقش.

وينقسم نحـل غـزة إلى قسميـن؛ الأول أصفر، يسمى حارثي، وهو شرس الطباع، قليل الإنتاج للعسل، والثاني يميل إلى السمرة، وهو أهدأ نسبيا وأكثر إنتاجا للعسل.

شاهد أيضاً

ثورة في الجامعات الأميركية

طلاب جامعة كولومبيا بأميركا يتظاهرون احتجاجًا على حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين في غزة