فضل الله علينا…

{ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا}

حدثني علي ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثني معاوية ، عنعلي ، عن ابن عباس ، قوله : ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ) يقول : ما اهتدى منكم من الخلائق لشيء من الخير ينفع به نفسه ، ولم يتق شيئا من الشر يدفعه عن نفسه .

و من اجمل التفاسير التي قراناها لهذه الآية ما ورد عن الشيخ الشعراوي رحمه الله: إن فضل الجزاء يتناوبه أمران: جزاء بالعدل حين تأخذ ما تستحقه، وجزاء بالفضل حينما يعطيك ربك فوق ما تستحق؛ لذلك ينبغي أن نقول في الدعاء: اللهم عاملنا بالفضل لا بالعدل؛ وبالإحسان لا بالميزان، وبالجبر لا بالحساب. فإنْ عاملنا ربنا – عز وجل – بالعدل لَضِعْنا جميعاً.

لكن، في أيِّ شيء ظهر هذا الفضل؟ ظهر فضل الله على هذه الأمة في أنه تعالى لم يُعذِّبها بالاستئصال، كما أخذ الأمم السابقة، وظهر فَضْل الله على هذه الأمة في أنه تعالى أعطاها المناعة قبل أن تتعرَّض للحَدث، وحذرنا قديماً من الشيطان قبل أن نقع في المعصية، وقبل أن تفاجئنا الأحداث، فقال سبحانه:

{ فَقُلْنَا يآءَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ.. }

[طه: 117] وإلا لغرق الإنسان في دوامة المعاصي.

لأن التنبيه للخطر قبل وقوعه يُربِّي المناعة في النفس، فلم يتركنا ربنا – عز وجل – في غفلة إلى أنْ تقعَ في المعصية، كما نُحصِّن نحن أنفسنا ضد الأمراض لنأخذ المناعة اللازمة لمقاومتها.

وقوله تعالى: { مَا زَكَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً.. } [النور: 21] (زكَى) تطهَّر وتنقّى وصُفِّيِ { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } [النور: 21].

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.