ان الله رحيم بالعباد…

﴿ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ﴾ [يوسف: 87]؛ أي: من رحمة الله، ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]، إنما جعل اليأس من صفة الكافر؛ لأن سببه تكذيب الربوبية، أو جهلٌ بصفات الله من قدرته وفضله ورحمته.

من خلال التعاملات العامَّة في المجتمعات يتَّضح منها حجم ودور الأخلاق والآداب في حياة الفرد والمجتمع. ويتَّضح أيضًا تغيُّر الطباع في المعاملات، ولأن البعض تخلَّى عن الآداب العامَّة في المعاملات الفردية؛ قاد هذا التخلِّي إلى أن تغيَّرت طباع كثيرٍ من الناس؛ فصارَت تحمل الغلظة والشدة، والعنف والقسوة؛ وذلك لعدم مراعاة الحقوق والواجبات التي أخبرنا بها رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – من خلال الوحي الإلهي إلى سمات ومعالم الأمَّة الأفضل والأمَّة الوسَط، وصارت رؤية الفرد لِمَن حوله: (أنا ومِن بعدى الطوفان)، فتبدَّلت معالم الحياة من خلال منظور السماء إلى أهل الأرض لتحقيق الحياة الآمِنة إلى طباع وتعاملات تنتمي إلى شريعة الغاب.

فكانت أنْ تحوَّلت نظرة البشر إلى الله – عز وجل – إلى نفس النظرة الواقعة فيما بينهم من غلظة وشدة وقسوة، فظنَّ الكثير أن الله – سبحانه وتعالى – ليس رؤوفًا رحيمًا مثل الكثير من البشر، فكانت هذه المقولة التي أصبحت منتشرة: (إذا كنَّا نحن لا يرحم بعضنا بعضًا، فكيف سيرحمنا الله؟!) فانتقل سوء الظن بين العباد – وما أكثره! – إلى اليأس من رحمة الله.

أحبتي في الله: أنت ﻻ تعلم إلى أي درجة الله رحيم بك! لاتعلم كيف يسخر لك الأشخاص، والأرواح، الصدف، والمفاجآت !

لا تعلم كيف يصرف عنك ماتحب لِشرّ لا تعلمه، وكيف يُقرّب لك ماتكره لخير ﻻ تعلمه”

فياربّ طوقنا بلطفك الخفي، بعافيتك التي تمنح القوة لأجسادنا، بالصبر الذي يجعلنا نُكْمل طريق كِفاحنا بالتفاؤل بك، والتوكّل عليك، الذي يزرع اليقين في قلوبنا وبالراحة التي تعكس نقائها على ملامحنا وبشكرك في كل حال وفوق كل شعور …

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.