تثبت و لا تعجل في الأحكام

‏‏‏‏‏‏‏﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً﴾

لما اطمأنت مريم بسبب ما رأت من الآيات الخارقة أتت به (أي بعيسى) قومها تحمله لا مكترثة بما يقولون، فقالوا لها: {يامريم لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا}! قال مجاهد وقتادة وغير واحد: (فريًا) أي عظيمًا. وقال سعيد بن مسعدة: (فريًا) اي مختلفًا مفتعلًا. وقال أبو عبيدة والأخفش: (فريا) اي عجيبًا نادرًا.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يفهم من الآيات القرآنية أن مرادهم بقولهم {لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} أي منكرًا عظيمًا، لأن الفري فعيل من الفرية، يعنون به الزنى، لأن ولد الزنى كالشيء المفترى المختلق، لأن الزانية تدعي إلحاقه بمن ليس أباه. ويدل على أن مرادهم بقولهم (فريا) الزنى قوله تعالى: {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ على مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا}[النساء: 156] لأن ذلك البهتان العظيم الذي هو ادعاؤهم أنها زنت، وجاءت بعيسى من ذلك الزنى (حاشاها وحاشاه من ذلك) هو المراد بقولهم لها:{لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} ويدل لذلك قوله تعالى بعده:{ياأخت هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امرأ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} والبغي الزانية كما تقدم. يعون كان أبواك عفيفين لا يفعلان الفاحشة، فمالك أنت ترتكبينها!! ومما يدل على أن ولد الزنى كالشيء المفترى قوله تعالى: {وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهُتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} [الممتحنة: 12] قال بعض العلماء: معنى قوله تعالى: {يَأْتِينَ بِبُهُتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} أي ولا يأتين بولد زنى يقصدن إلحاقه برجل ليس أباه، هذا هو الظاهر الذي دل عليه القرآن في معنى الآية.

و بإسقاط الآية على واقعنا الحالي. فمن الواجب ألا تحكم على الأمور بظواهرها، وإن بدت لك كما تظن فتريث، ولا تطلق أحكامك دون تثبت، فكم من مظلوم بسبب العجلة وسوء الظن.

شاهد أيضاً

عاشوراء.. دروس في النصر والخذلان من فرعون إلى كربلاء

أدهم أبو سلمية ها هو فرعون يستكبر ويستبد، ويتمادى في الطغيان، ويستحيي النساء، ويذبح الأطفال، …