الخَلل ليسَ بِجسدي وَلكنّهُ بِقلبي ..!

قال تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكسبون}

هذه المُضْغَة الصغيرة (القلب) أمرُها عجيب، وما شُبِّه هذا القلب إلا بالبحر، نراه في الظاهر رؤيةً سطحية، لكنه في الحقيقة عالَم بحدِّ ذاته، ففيه من أنواع الحيوانات والنباتات العجيبة ما حيَّر علماءَ البحار، وهكذ٥ا القلب، فإن مَن تأمله حقَّ التأمل وجد أن أمره مثيرٌ للعجبِ بما يحصل له من أحوال وانفعالات، وبما يتباين فيه الناسُ من أحوال ومقامات وصفات، وهذا غَيْض من فَيْض في عالَمِ هذا القلب الصغيرِ الكبير.

وهذه إشارات قرآنية لبعض ما يطرأُ على القلب من عِلَل وأدواء، فمن ذلك: الغفلة، العمى، الزيغ، التقلب، الاشمئزاز، الإقفال، القسوة، اللَّهْو، الرياء، النفاق، الحسد، وهلم جرًّا، والنتيجة أن يتعرَّض هذا القلب للطبع والختم والموت بعد نزول هذه الأمراض، وعدم مدافعة الإنسان لها، فيكون قلبُه أسود.

فالذنوب والمعاصي تضُر القلبَ، وإن ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان، على اختلاف درجاتها في الضرر.

فمتى مرِض القلب، وهو الملِك، أثَّر على بقية الجوارح؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألَا وإن في الجسد مضغةً، إذا صلَحت صلَح الجسد كلُّه، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب)).

حِينما أقفْ بِالعملِ لِساعاتٍ طَويلة ، فَإنّ جَسدي يَتحمّل ، وَحِينما أُصلّي أَقرأ بِقصارِ السُّور لِتنتَهي الصّلاة .. معَ أنّ جَسدي قَادر علَى أنْ أَقفْ وَأُصلّي لَكِن قَلبي ليسَ بِقادر ..!

كَم مَرّة سَهرت علَى أَتفه الأُمور ، يُمكنني أنْ أَقوم اللّيل ؛ وَلكِن قَلبي لَا يَستَطيع لأنّهُ نَام مِن إِرهاقِ السّهر ..!!

فَيا الله كَم أَنا بِحاجة لِإصلاحِ قَلبي.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.