و اسألوا الله من فضله

‏{واسألوا الله من فضله}
تنبيه على أن الإنسان لا يجوز له أن يعين شيئًا في الطلب والدعاء، ولكن يطلب من فضل الله ما يكون سببًا لصلاحه في دينه ودنياه على سبيل الإطلاق.
واسألوا الله تعالى من إحسانه الزائد وإنعامه المتكاثر فإن خزائنه مملوءة لا تنفد أبدًا، والمفعول محذوف إفادة للعموم أي واسألوا ما شئتم فإنه سبحانه يعطيكموه إن شاء، أو لكونه معلومًا من السياق، أي واسألوا مثله، ويقال لذلك: غبطة.
وقيل: (من) زائدة أي واسألوا الله تعالى فضله، وقد ورد في الخبر «لا يتمنين أحدكم مال أخيه ولكن ليقل اللهم ارزقني اللهم أعطني مثله» وذهب بعض العلماء كما في [البحر] إلى المنع عن تمني مثل نعمة الغير ولو بدون تمني زوالها لأن تلك النعمة ربما كانت مفسدة له في دينه ومضرة عليه في دنياه، فلا يجوز عنده أن يقول: اللهم أعطني دارًا مثل دار فلان ولا زوجًا مثل زوجه بل ينبغي أن يقول: اللهم أعطني ما يكون صلاحًا لي في ديني ودنياي ومعادي ومعاشي، ولا يتعرض لمن فضل عليه، ونسب ذلك للمحققين وهم محجوجون بالخبر اللهم إلا إذا لم يسلموا صحته، وقيل: المعنى لا تتمنوا الدنيا بل اسألوا الله تعالى العبادة التي تقربكم إليه، وإلى هذا ذهب ابن جبير وابن سيرين، وأخرج ابن المنذر عن الثاني أنه إذا سمع الرجل يتمنى الدنيا يقول: قد نهاكم الله تعالى عن هذا ويتلو الآية، والظاهر العموم، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سلوا الله تعالى من فضله فإن الله تعالى يحب أن يسأل وإن من أفضل العبادة انتظار الفرج».

قال ابن قدامة: إلهي، ما أمرتني أن أسألك إلا وأنت تريد أن تعطيني، ولا دللتني عليك إلا وأنت تريد أن تهديني، ولا أمرتني بدعائك إلا وأنت تريد أن تجيبني.
أسألك من فضلك أن تجعلني مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *