من دروس الإسراء والمعراج: ربط الأبصار بالبصائر

رَأى الرسُولُ صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج بِبَصـيرَتِهِ كذلك: (مَـا كَـذَبَ الـفُـؤادُ مَـا رأى) (لَـقَـدْ رَأى مِـنْ آيَاتِ رَبِّهِ الــكُـبْرى) النجم: 11/ 18، فنُلاحظُ أنّ الرؤية كانتْ بالفؤاد، بَعْدَ أنْ أبْصَرَ بِبَصَرِهِ الشَريف: (مَــا زَاغَ الـبَصَـرُ ومَـا طَـغَـى) النجم: 17.

و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«رأيت ليلة أُسرِي بي رجالا تُقرَض شفاههم بمقاريض من نار، فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: الخطباء من أمتك يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب .. أفلا يعقلون». صحيح

مشهد عجيب .. يقلب الغيب شهادة، ويصل غير المرئي بالمشاهد المحسوس، فمراد الرحلة المعجزة أن يزداد يقينك ويعلو إيمانك حتى يفيض من قلبك على من حولك، وهل كان المعراج إلى السماء إلا جرعة يقين مُصوَّبة نحو القلب مباشرة في قوة مكثَّفة وتتابع يدهش العقول والقلوب ..

أخي .. إياك أن تلبس ثوب الآمرين الناصحين على قلبٍ أسود بهيم… أو ترفع صوتك صائحا في العالمين: لا تخرقوا الحدود، وقد جاوزتَ كل الحدود.
والبَصـيرَةُ هيَ المعْيـَارُ والمقياسُ لتقوى الإنسان و مدى خشيته لله تعالى، فتكون هي الكاشفة لوجوه الحقائق و بِدونِ البصيرَةِ يخبط الإنسان خبط عشواء: (كَـثيراً مِـنَ الـجِـنِّ والإنْـسِ لَـهُـمْ قُلـوبٌ لاَ يَفْـقَهونَ بِهَـا ولَـهُـمْ أَعْـيُنٌ لاَ يُبْصِـرونَ بِهَـا ولَـهُـمْ آذانٌ لاَ يَسْـمَـعـونَ بِهَـا) الأعراف: 179.

إن البصيرة نور القلب تريك ما وراء الأشياء، والبصر نور العين يريك ظاهر الأشياء، وبالبصر والبصيرة تصبح العين أداة صلاح وهداية وبدونهما تنقلب العين أداة غواية وضلال، فبالعين ننظر وبالدماغ نرى، لكننا بالقلب نعي ونبصر: ” إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”.
إن غياب العقوبات عن الأبصار وغيابها الأخطر عن البصائر هو الذي أودى بالأمة إلى الهاوية، ولو كانت العقوبة ماثلة في الأذهان .. ظاهرة للعيان؛ ما تجاوز جهولٌ، ولا فرَّط كسول.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.