من أسباب إجابة الدعاء وبعض موانعه

في صحيح مسلم (ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟)

قال ابن رجب:
هذا الكلام أشار فيه – صلى الله عليه وسلم – إلى آداب الدعاء، وإلى الأسباب التي تقتضي إجابته، وإلى ما يمنع من إجابته،

فذكر من الأسباب التي تقتضي إجابة الدعاء أربعة:

أحدهما: إطالة السفر، والسفر بمجرده يقتضي إجابة الدعاء، كما في حديث أبي هريرة، عن النبي – صلى الله عليه وسلم: (ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده)

ومتى طال السفر، كان أقرب إلى إجابة الدعاء؛ لأنه مظنة حصول انكسار النفس بطول الغربة عن الأوطان، وتحمل المشاق، والانكسار من أعظم أسباب إجابة الدعاء.

والثاني: حصول التبذل في اللباس والهيئة بالشعث والإغبرار، وهو – أيضا – من المقتضيات لإجابة الدعاء.

ولما خرج النبي – صلى الله عليه وسلم – للاستسقاء، خرج متبذلا متواضعا متضرعا.

الثالث: مد يديه إلى السماء، وهو من آداب الدعاء التي يرجى بسببها إجابته، وفي حديث سلمان عن النبي – صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى حيي كريم، يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين)

والرابع: الإلحاح على الله بتكرير ذكر ربوبيته، وهو من أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء.

وأما ما يمنع إجابة الدعاء، فقد أشار – صلى الله عليه وسلم – إلى أنه التوسع في الحرام أكلا وشربا ولبسا وتغذية، وقد سبق حديث ابن عباس في هذا المعنى أيضا، وأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال لسعد: (أطب مطعمك، تكن مستجاب الدعوة)، فأكل الحلال وشربه، ولبسه والتغذي به، سبب موجب لإجابة الدعاء.

(جامع العلوم والحكم ص286)

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.