مسلمو فرنسا يهبون لترميم كاتدرائية نوتردام

سجل مسلمو فرنسا موقفا حضاريا لافتا بدعوتهم إلى التبرع لإعادة بناء كاتدرائية نوتردام الكاثوليكية التي لحق بها دمار كبير بعد الحريق الذي نشب فيها، وواكبت تلك الدعوة إشادات الرئيس إيمانويل ماكرون بحملة التبرعات لهذا الغرض والتي جمعت مليار دولار حتى الآن.

وعبر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عن حزنه العميق للحادث المؤلم. ودعا المسلمين “باعتبارهم جزءا من الأمة الفرنسية” إلى المساهمة المادية في إعادة بناء الكاتدرائية باعتبارها رمزا للمسيحية وصرحا معماريا فريدا من نوعه.

وعلى نفس المنوال عبر “تجمع مسلمي فرنسا” إحدى كبرى المنظمات الإسلامية الفرنسية عن “تضامنه الأخوي مع الكاثوليك في فرنسا وفي العالم أمام هذا المصاب الجلل والحادث التراجيدي”.

وحث التجمع “على المشاركة في الجهد الوطني لكل الفرنسيين، من خلال التبرع بالمال وتقديم كل أنواع الدعم اللازم لإعادة بناء نوتردام من جديد”.

ولم يكن “اتحاد مساجد فرنسا” بمنأى عن تلك المواقف التضامنية حيث أعرب عن “حزنه الشديد للحادث المأساوي” ودعا مسلمي فرنسا إلى التضرع إلى الله في صلواتهم من أجل إنقاذ الكاتدرائية.

كما حث المسلمين على “اغتنام شهر رمضان الذي بات على الأبواب من أجل تقديم المساعدة المادية والمعنوية لإخوانهم الكاثوليك من أجل إعادة بناء الكاتدرائية”.

مسجد باريس الكبير أحد أبرز المعالم الإسلامية (الجزيرة)
استنفار فرنسي
في كلمة مقتضبة موجهة للأمة، قال الرئيس ماكرون مساء أمس الثلاثاء إنه يشارك الفرنسيين “لوعتهم وحزنهم” بسبب ما حل بالكاتدرائية، وتعهد بإعادة بناء المعلم التاريخي والديني خلال “خمس سنوات فقط”.

وأشاد ماكرون بحملة التبرعات المالية التي بدأها عدد من كبار أغنياء فرنسا التي انضم إليها عامة الشعب، من أجل إعادة بناء الكاتدرائية.

ووصلت التبرعات ما قيمته نحو مليار دولار (750 مليون يورو) في أقل من 24 ساعة، حيث ساهمت عائلتان ثريتان لوحدهما ثلاثمئة مليون يورو. كما انضم عدد من الشركات لحملة التبرعات، وأعلنت شركة توتال للنفط التبرع بمئة مليون يورو.

ويرى ستيفان بيرن أحد كبار المؤرخين الفرنسيين الذي أكد أن إعادة البناء ستستغرق ما بين أربعين وخمسين سنة بسبب هول الدمار الذي حل بالكاتدرائية، مضيفا أن كبرى كاتدرائيات أوروبا التي دمرت من قبل بسبب الحروب أو الحرائق مثل كاتدرائية فيينا التي دمرت خلال الحرب الكونية الثانية استغرقت إعادة ترميمها نحو نصف قرن.

وما يزال الفرنسيون يعيشون حالة من الصدمة والذهول أمام هول الدمار الذي لحق بكاتدرائية نوتردام العريقة في باريس وأتي على برجها وسقفها، ولم يتم إخماده إلا صباح أمس بعدما تم تجنيد أكثر من خمسمئة رجل إطفاء.

ورغم البرد والمطر تقاطر المئات من الباريسيين والسياح طيلة الثلاثاء على موقع الكاتدرائية وعاينوا آثار الحريق عن بعد، بعدما أغلقت السلطات الطرق المؤدية إليها.

الكاتدرائية صباح الثلاثاء (الجزيرة)
هوية فرنسا
تقول الصحفية الفرنسية جوديث بلان إنه رغم كونها ليست متدينة لكن الكاتدرائية تمثل بالنسبة لها تاريخ وهوية فرنسا وتعتبر بمثابة رمز مقدس لكل الفرنسيين سواء كانوا متدينين أم لا.

أما المواطنة المتقاعدة نيكول مينار -والتي تقطن في حي الكاتدرائية- فإنها لم تتمكن من حبس دموعها وهي ترى النيران تلتهم كاتدرائية كانت عصية منذ تسعة قرون على كل أهوال الطبيعة والحروب حسب وصفها.

ووصف السائح الأسترالي ستيف برو الحادث بالفاجعة، وقال للجزيرة نت إنه زار الكاتدرائية قبل ثلاثة أيام فقط. واعتبر ستيف أن أي سائح أجنبي يأتي لا بد وأن يزور برج إيفل وكاتدرائية نوتردام.

يُذكر أن منظمة اليونسكو أدرجت كاتدرائية باريس عام 1991 على قائمة التراث العالمي، وتعتبر من أهم المعالم السياحية بفرنسا حيث تستقبل الكاتدرائية 14 مليون سائح أجنبي سنويا.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.