متَى يبلغُ العَبْدُ سنامَ التَقوى ؟

بقلم الدكتورة كفاح كامل

قالَ التّلميذُ :
متَى يبلغُ العَبْدُ سنامَ التَقوى ؟

قال الشَيخ :
إذا وضَعَ جميعَ ما في قلبِهِ من الخَواطرِ في طَبَقٍ ، وطافَ به في السّوقِ لم يستَحِ من شيءٍ فيه ..
إذْ قلبُهُ طاهرٌ مِن بواطنِ الإثمِ !

يا وَلدي ..
ما زالتِ التّقوى بالمتَّقينَ ؛ حتى تركوا كثيراً مِن الحَلالِ مَخافَةَ الحرَامِ !

قال التِّلميذ :
دُلَّني .. كيفَ أبدأُ ؟

قال الشّيخُ :
اجعَلِ اللهَ صاحِبَ سرِّك وخَلْوتِك ، وخَفايا عمَلِك ؛ يكُنْ صاحبَ علانِيتِك .

اجعَلِ اللهَ صاحِبَ وِحدَتِك ، وهِجرتِك ، ودقائقِ تفاصيلِك ؛ يكُنْ صاحبَ جَمْعِك .

يا وَلدي ..
مَنْ لازَمَ التّقوى ؛ لم يرَ في الضّيقِ إلا السَّعَةَ .
ومَن فارقَها ؛ سُلِبَ الإحساسَ بمرارةِ العقابِ !

قلتُ ما العِقابُ ؟

قالَ الشّيخُ :
لو لمْ يكنْ إلا مَنْعُ المَزيدِ لَكفاكَ ..
فتّشْ قلبَك ..
وفتِّشْ عَينَكَ ..
وفتِّشْ كلِماتِك ..
وفتِّشْ حَواجزَك كَمْ خُرِقَ فيها ..
وأينَ استَعذَبْتَ المَكروهاتِ ..
وكيفَ ساقَتْك إلى بَعضِ الحَرامِ ..

ثُمّ قُلْ :
{ رَبِّ إنّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ }

ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﺯﻱ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ :
ﺇﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﻻ ﻳﺜﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻝ
ﻓﺘﺎﺭﺓ ﻓﻘﺮ ، ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻏﻨﻰ ، ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻋﺰ ، ﻭﺗﺎﺭﺓ ﺫﻝ ، ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻳﻔﺮﺡ ﺍﻟﻤﻮﺍﻟﻲ ، ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻳﺸﻤﺖ ﺍﻷﻋﺎﺩﻱ … ﻓﺎﻟﺴﻌﻴﺪ ﻣﻦ ﻻﺯﻡ ﺃﺻﻼً ﻭﺍﺣﺪﺍً ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﻭﻫﻮ :ﺗﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ.

ﻓﺈﻧﻪ ﺇﻥ ﺍﺳﺘﻐﻨﻰ ﺯﺍﻧﺘﻪ ، ﻭﺇﻥ ﺍﻓﺘﻘﺮ ﻓﺘﺤﺖ ﻟﻪ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺼﺒﺮ ، ﻭﺇﻥ ﻋﻮﻓﻲ ﺗﻤﺖ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻭﺇﻥ ﺍﺑﺘﻠﻰ ﺣﻤﻠﺘﻪ. ﻭﻻ ﻳﻀﺮﻩ ﺇﻥ ﻧﺰﻝ ﺑﻪ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺃﻭ ﺻﻌد. ﺃﻭ ﺃﻋﺮﺍﻩ ﺃﻭ ﺃﺷﺒﻌﻪ ﺃﻭ ﺃﺟﺎﻋﻪ، ﻷﻥَّ ﺟﻤﻴﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺷﻴﺎﺀ ﺗﺰﻭﻝ ﻭﺗﺘﻐﻴر ﻭﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﺣﺎﺭﺱ ﻻ ﻳﻨﺎﻡ.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.