لا الاه الا الله…

بقلم د. ايمان حرابي

لا إله إلا الله كلمة قامت بها الأرض والسماوات، وخلقت لأجلها بل و لتعظيمها و ذكر الله. فمكانة لا إله إلا الله في الحياة مهمة تدل على وحدانية الله و الاقرار بان هذه الحياة التي خلقها الله تعالى لا تتطلب الكثير، بل فقط التدبر و التأمل في خلق الله مع ذكره و القيام بالعبادات مع التوفيق بين الامور الدنيوية و الأخروية.

فهي كلمة يقولها المسلم في أذانه وإقامته وفي خطبه ومحادثاته مع اصدقائه. بها أرسل الله ورسله وأنزل كتبه وشرع شرائعه، ولأجلها نصبت الموازين وخلقت الجنة والنار، وبها انقسم الناس إلى مؤمنين وكفار، فهي منشأ الخلق والأمر والعفو والعقاب، وعليها نصبت القبلة، وعليها أسست هذه الامة. لترفع راية الله و راية الحق ، وهي حق الله على جميع العباد، فهي كلمة الإسلام، وعنها يسأل الأولون والآخرون.

ما قامت السماوات والأرض ولا صحت السنة والفرض ولا نجا أحد يوم العرض إلا بلا إله إلا الله ولا جردت سيوف الجهاد، ولا أرسلت الرسل إلى العباد، إلا ليعلموهم العمل بلا إله إلا الله.

إنها أعظم نعمة أنعم الله بها – عز وجل – على عباده؛ حيث هداهم إليها؛ ولهذا ذكرها في سورة النحل، التي هي سورة النِّعم، فقدمها على كل نعمة فقال: ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ [النحل: 2].

هذه الكلمة هي الفارقة بين الكفر والإسلام، وهي كلمة التقوى. فهي التي جعلها إبراهيم كلمته عندما أرادوا احراقه بالنار. بل و كانت كلمة بلال مؤذن الرسول عليه الصلاة والسلام، عندما كان اهل قريش يضعون علي صدره الحجرة بثقلها و هو لا يردد الا كلمة احد احد أحد. ولم يتراجع و لم يضغن لتهديداتهم وهي التي شهد الله بها لنفسه وشهدت بها ملائكته وألوا العلم من خلقه، قال تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلاّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

وهي كلمة الإخلاص وشهادة الحق، ودعوة الحق، وبراءة من الشرك، ولأجلها خلق الخلق كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ. ولأجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب، كما قال: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إلاّ أَنَا فَاعْبُدُون.

قال ابن عيينة: ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أعظم من أن عرفهم لا إلاه إلا الله. ففي الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله . وهي أول ما يقال لمن يدعون إلى الإسلام. فإن النبي لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: “إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله.

أيها المسلم تذكر أن معنى (لا إله إلا الله) أنه لا معبود ولا مقصود ولا مرهوب ولا مرغوب بحق إلا الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، فوجب على المسلم أن يصرف عبادته إليه سُبحَانَهُ وَتَعَالى، وأن يتوجه إليه، وأن يدعوه رغبة ورهبة، وألا يخاف إلا منه، ولا ينذر ولا يذبح إلا له، ولا يتقرب إلى غيره سُبحَانَهُ وَتَعَالى بما يخدش لا إله إلا الله محمد رسول الله.

معناها: أن الحياة تصرفها لا إله إلا الله، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.