قال إني أعلم ما لا تعلمون

“. هذه الآية وردت في نهاية تَعجب الملائكة من خلق آدم عليه السلام، وبها خُتم سؤال الملائكة حول آدم!
لم يُبين الله عز وجل لهم الحكمة من الخلق، لكن الملائكة أذعنت فورًا؛ إنكم تطلبون الحكمة لكن ليس لكم أن تعرفوها، يكفي أن تعلموا أني أعلم ما لا تعلمون!

وسر إذعانهم أنه كان لديهم يقينٌ إجمالًا أنّ لذلك حكمةً وإيمان تام بأن الله عليم حكيم.. استعداد فطري لتلقي أوامر الله بالقبول، رغم ما في دواخلهم من تردد وعَجب: “أتجعلُ فيها من يفسدُ فيها ويسفِكُ الدماءَ ونحن نسبِّحُ بحمدك”!
فاستفاقوا فورًا، ونزّهوا الله عن كل نقص “سبحانك”.. ونسبوا كل علم لديهم لله عز وجل “لا علمَ لنا إلا ما علمتنا”.. فلا علمَ آخر مع علمك، ولا حكمةَ إلا حكمتك.. فنسبوا لله كل علم ونسبوا لأنفسهم كل عجز!

لماذا؟!
لأن هذه مقتضيات الألوهية، مقتضيات “لا إله إلا الله”، مقتضيات أنه خلقنا، وأنه يعلم ما نعلم وما لا نعلم، وأنه حكيمٌ فيما به يأمر وما عنه ينهى، عدلٌ في أحكامه، يضع الرحمة في موضع الرحمة، ويرفع الرحمة حين يكون رفع الرحمة رحمة..
وأي شك في هذا مجرد شك نقصٌ في “لا إله إلا الله”.. لذلك كان معاذ بن جبل رضي الله عنه لا يجلس مجلسًا للذكر إلا قال: “الله حكمٌ قسطٌ، هلكَ المرتابون”!
وفوق العلم والإيمان بهذه الأمور؛ اليقين فيها تمام اليقين، وهو من “الإحسان” الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم: “أن تعبد الله كأنك تراه”.

محمد وفيق زين العابدين

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.