عمى القلوب

بقلم الشيخ كمال خطيب

لقد تفشى فينا عمىٰ القلوب لمّا أصبحت الخيانة وجهة نظر، ولمّا أصبحت الهزيمة والجُبن في مواجهة الأعداء تكتيكًا ودبلوماسية، ولمّا أصبحت الشجاعة والصلابة في مواجهة الأعداء تُسمى حماسة واندفاعًا وتهوّرًا.
لا بل وصل حال عمىٰ القلب إلى أن أصبح التمسك بالإسلام يسمى إرهابًا وتطرفًا، بينما الانسلاخ منه والتنكر لقيَمِه وتعاليمه يسمى واقعية ومرونة.

لقد وصل الحال وعمى القلب إلى أن أصبحت أمريكا راعية للسلام، وإلى أن أصبحت روسيا حريصة على مصالح الشعوب، بينما الشعوب التي تسعى لحريتها شعوب متمردة وفوضوية، وتمارس الإرهاب.
لقد أصبحت اسرائيل دولة جارة بينما تصبح الدول العربية والإسلامية عدوة بعضها لبعض.
لقد أصبح السيسي الانقلابي رئيسًا شرعيًا، وأصبح مرسي الرئيس الشرعي المنتخب إرهابيًا ويعمل ضد مصالح شعبه ولا مكان له إلا السجن بل لعله الإعدام.
إنه عمى القلب أصابنا إلى حدّ أن يصبح الفلسطيني يعمل لخدمة الاحتلال والعمالة له، ويسمى ذلك تنسيقًا أمنيًا، ويصبح الفلسطيني الذي يواجه مشاريع الاحتلال إرهابيًا ويعبث بالصف الوطني فيطارد ويعتقل.
لقد أصابنا عمى القلب حتى في قضايانا الاجتماعية، فأصبحنا نرى ونقول عن الرقاصة فنانة وعن الممثل المائع والتافه نجمًا، وأصبحنا نسمي ونرى الانحراف والعريّ موضة، ونسمي الشذوذ حرية شخصية، ونسمي المسكرات مشروبات روحية، وأصبح المعروف منكرًا والمنكر معروفًا..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” كيف أنتم إذا لم تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر؟
قالوا يا رسول الله وإن ذلك لكائن؟
قال: نعم وأشد، كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟
قالوا: يا رسول الله وإن ذلك لكائن؟
قال: نعم وأشد، كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرًا والمنكر معروفًا؟
قالوا: يا رسول الله وإن ذلك لكائن؟
قال: نعم..
إن عمىٰ الألوان يمكن العيش معه رغم كل آلامِه، ولكن عمىٰ القلوب هو مرض قاتل. وكيف لا يكون ذلك والقلب هو سيّد الجسد ” ألا وإنّ في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب” كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.