عدنان طلافحة

ينقض المنافقون عُرى الإسلام
ويهدمون بنيان الدين تحت شعارات برَّاقة خدَّاعة مثل (القراءة الثانية) و (تجديد الخطاب الديني) و (التفسير العصري للإسلام) إلخ.

ومن القضايا الأساسية التي ينشطون في تحريف موقف الإسلام منها لكسر حاجز الولاء والبراء عند المسلمين وإفساد دينهم، قضية الحكم على الملل غير الإسلام بالكفر كاليهودية والنصرانية وغيرهما (وهذا حُكم الله فيهم وليس اجتهاداً بشرياً)، حيث يروّجون لعقيدةٍ كفريةٍ مخالفةٍ لصريح القرآن والسنَّة وإجماع الأمة، مفادُها أنَّ الإيمان ليس حِكراً على المسلمين، بل يشمل اليهود والنصارى وغيرهم، وفي المحصّلة تكون هذه الملل الشركية مساوية للإسلام وربما أحسن منه أحياناً .. وأهم شي الأخلاق، كما يقال!

ويستدلون لمقولتهم الكفرية بآياتٍ قد تشتبه على من لا زاد عنده من العلم الشرعي ولا يعلم شيئاً عمَّا هو معلومٌ من الدين بالضرورة، حيث تذكرك حالهم بقول الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذي أَنزَلَ عَلَيكَ الكِتابَ مِنهُ آياتٌ مُحكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذينَ في قُلوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعونَ ما تَشابَهَ مِنهُ ابتِغاءَ الفِتنَةِ وَابتِغاءَ تَأويلِهِ …﴾ [آل عمران: ٧].
ويضربون القرآن بعضَه ببعضٍ، رغم أنَّه يُصدِّقُ بعضُه بعضًا، وما هلكت الأمم إلا بمثل هذا!

وليتَ شعري إذا كانت المِللُ المخالفة للإسلام مللَ إيمانٍ لا كفر فيها، فلماذا أرسلَ الله رسولَه بالهدى ودين الحقِّ؟! ولماذا أوحى إليه بالقرآن والسنَّةِ وأمرنا باتباعهما حتى لا نضلَّ ونخزى؟! ولماذا نزلت الآياتُ المتكاثرة في أحوال الكفر وأهله والتحذير منهم؟! فهل يحذِّرُ الله من أمرٍ معدومٍ لا وجودَ له؟! ولماذا إذن شعيرةُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي الشعيرة التي تُعتبر السمةَ الظاهرةَ لأهل الإيمان؟! فإذا كان أولئك مؤمنين، فالنبوَّةُ عبثٌ والوحيُ عبثُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبثُ.. وحاشا لله أن يكون في شيءٌ من أفعاله أو أوامره أيُّ عبثٍ .. سبحان ربك رب العزة عمَّا يصفون!

تأملتُ في آيةٍ من آيات سورةِ المائدة، حيثُ يقول الله سبحانه وتعالى مخاطباً المسلمين: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا لا تَتَّخِذُوا اليَهودَ وَالنَّصارى أَولِياءَ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِنكُم فَإِنَّهُ مِنهُم إِنَّ اللَّهَ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمينَ﴾ [المائدة: ٥١]

فقلتُ في نفسي: إنَّ الله تعالى ينهانا عن موالاة اليهود والنصارى، فإذا كانوا مؤمنين كما يزعم منافقو زماننا، فلماذا ينهانا الله عن موالاتهم؟! أليسوا مؤمنين مثلنا؟! ألم يقل الله في كتابه ﴿وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ..﴾ [التوبة: ٧١]؟! فأين المشكلة في موالاتهم إذن؟!

ثم يخوِّفنا الله من عاقبةٍ موالاتهم بأننا سنكون منهم ومثلهم وحكمنا حكمهم! فهل يستقيم فهم المنافقين مع كلام الله؟! هل يُعقل أن يكون معنى الآية: ومن يتولهم منكم أيها المؤمنون فإنَّه منهم أي أنه مؤمنٌ مثلهم؟!

أينهانا الله عن موالاة مؤمن؟! أيخوِّفنا الله من عاقبة موالاة مؤمن؟! سبحانك اللهمَّ.

قليلاً من التفكير.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.