روسيا على وشك مواجهة أكبر اختبار لها حتى الآن في سوريا حسب الإندبندنت البريطانية

بدأنا نعتقد أن روسيا تخسر مكانتها في ليبيا، يتراجع الجنرال “خليفة حفتر” من طرابلس، ويخسر حتى مدينة صبراتة لصالح الحكومة المعترف بها دولياً (الوفاق).

تماماً مثل الحرب السورية والحرب اللبنانية قبل ذلك أصبحت ليبيا الآن ملعباً للعديد من “أفراد العصابات” للقراء الأمريكيين.

لقد دعم السعوديون والإمارات ومصر “حفتر” والذي يتناسب مع تطلعاتهم.

وبالطبع ابتسمت موسكو لحفتر والذي كان ذات مرة واحداً من الضباط الموثوق بهم لدى القذافي -إلى أن تم القبض عليه في حرب خيالية يائسة في تشاد- ثم أصبح صديقاً جيداً لوكالة المخابرات المركزية ثم حصل على الجائزة النهائية بعد ظهوره كجنرال متخبط لإنقاذ ليبيا: ففي عام 2017، تم نقل حفتر على حاملة الطائرات الروسية الأدميرال كوزنتزوف أثناء تحركها عبر البحر الأبيض المتوسط في طريقها من سوريا إلى بحر البلطيق.

كانت بكل تأكيد واحدة من أروع ساعات حفتر -بتكريم من الكرملين- حيث جلس في غرفة جناح الناقل حيث عقد مؤتمر بالفيديو مع وزير الدفاع الروسي.

كان الموضوع كما تتوقعه أنت أن يكون: التعاون ضد “الإرهاب الدولي”.

وهي مسألة يعتبر فيها “فلاديمير بوتين” نفسه خبيراً سواء كان “إرهاباً” في الشيشان أو “إرهاباً” في أوكرانيا أو “إرهاباً” في ليبيا أو “إرهاباً” في سوريا.

كانت هناك وعود بالدعم الروسي خلال الأشهر التالية، ولكن حتى الآن وما عدا قلة من المرتزقة فلا توجد قوات روسية ولا معدات روسية على أساس الأراضي الليبية.

إذا كانت ليبيا ملعباً فسيكون حفتر لاعباً مستهتراً أكثر منه حليفاً جاداً في التحالف الروسي.

كانت موسكو تضع يدها على رمال ليبيا، وكان يجب أن تستشيرها الأمم المتحدة والولايات المتحدة و”المجتمع الدولي” في أي مناقشة لمستقبل ليبيا لكنها لم تكن تربط السلطة الروسية بالجيش الليبي لحفتر.

يمكن للسيسي وولي العهد السعودي تثبيت ميدالياتهما على حفتر إذا رغبوا في ذلك، لكن بوتين يحافظ على ولائه لجيش آخر: النوع السوري والذي يحيط الآن جزئياً بمحافظة إدلب.

وكما نعلم جميعاً هناك الآن “وقف لإطلاق النار” على طول الخطوط الأمامية حيث يفترض أن القوات التركية والروسية تقوم بدوريات على الطريق السريع بين الشرق والغرب (بين حلب واللاذقية) عبر إدلب.

إن مشكلة تركيا الحقيقية، التي يدركها الروس تماماً، هي ما يجب القيام به مع “الجهاديين والجماعات الإسلامية” التي تقاتل إلى جانب معارضة الأسد.

ليس من الممكن نقلهم إلى صحراء المملكة العربية السعودية لينسوا القتال في الربع الخالي وبالتأكيد لن يُسمح لهم بالاستقرار في تركيا.

في الوقت الحاضر يسعد النظام السوري للغاية برؤية الخلاف بين المقاتلين “المعتدلين” و”المتطرفين” في إدلب.

كما يعتقد النظام -مع الوقت والصبر- أنه سيسيطر على إدلب بالكامل لكن إن شرق سوريا هو أمر آخر؛ لذا تظل حصة روسيا في سوريا هي تحالفهما الجاد الوحيد في الشرق الأوسط.

ولكن على الرغم من تركيز الغرب -والتغطية الإعلامية المستمرة- على إدلب لكن النظام أكثر قلقاً بشأن اقتصاد البلاد.

لقد أصبح شعبه فقيراً للغاية -أولئك الذين هم في غالبية البلاد المدمرة التي أعيدت الآن إلى سيطرة النظام- والذي يخاطر بروايته الوحيدة خلال الأحداث: أن الأسد وحزب البعث فقط يمكنهما حماية سوريا.*ة

إن “حماية” شعبك من “الإسلاميين” ومن تنظيم الدولة شيء -وتزويدهم بالطعام والوقود والمال شيء آخر حتى أن هناك حديثاً في دمشق عن وقف دعم الخبز- وهو الأهم في البلاد.

وحتى لو بقيت إدلب جبهة حرب في عيون تركيا والغرب فهي الآن جزء صغير جداً من مشاكل النظام.

أصبح الاقتصاد السوري الآن أشد هشاشة لأن مستواه الاقتصادي الوحيد -للاستثمارات بالدولار والعقارات- ينهار هو نفسه في أزمة اقتصادية ذات أبعاد غير مسبوقة.

مع انهيار الليرة اللبنانية من 1500 إلى 3000 مقابل الدولار في ستة أشهر وجد السوريون الذين يمكنهم السفر إلى بيروت والحصول على الأموال النقدية والبضائع أموالهم عالقة في البنوك اللبنانية، حتى الآن يعتقد أن ما يصل إلى ثلث السيولة الخاصة بالدولار السوري -ربما أكثر من ذلك بكثير- موجود في لبنان.

هذه ليست مجرد شكوى سريعة الزوال فلطالما وُصفت القاعدة الأساسية لحزب البعث بأنها أمن الشعب السوري.

إن حفرة الاقتصاد السوري تلاحق السلطات الآن.

كانت هناك أسباب للاعتقاد قبل أشهر أن قطر قد تتدخل لإعادة بناء سوريا، هو مشروع من شأنه تعزيز قوة قطر الإقليمية وكذلك إثارة غضب الخصوم السعوديين.

ويمكن للشركات الروسية بعد ذلك الاستفادة من الأموال القطرية لتنظيم إعادة إعمار سوريا، أو يمكن للسعوديين مسابقة قطر والاستيلاء على إعمار سوريا بأنفسهم على حساب طهران، خاصةً أن الحليف الإيراني ليس في وضع يسمح له بتأمين اقتصاد دمشق الآن؛ لذا يجب أن نطرح السؤال الآن: هل تستطيع روسيا إنقاذ الاقتصاد السوري وهي تنقذ نظام الأسد؟.

هذا هو السؤال الأكبر للنظام السوري ولمخلصيه الروس، إن الأسد مخلص لبوتين وبوتين مخلص للأسد، لكن البقاء الاقتصادي لسوريا -وليس قصف أعداء الأسد- هو الآن التحدي الأكبر الذي يواجه البلاد.

إن هذا -وهذا وحده- هو الاختبار الجديد للعلاقة بين موسكو ودمشق.

المصدر الإندبندنت

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.