جنين ليست وحدها.. الضفة الغربية تؤازر المدينة “العنيدة”

جنين- بعد قرار الاحتلال الإسرائيلي دخول مدينة جنين (شمال الضفة الغربية) وتنفيذ عملية عسكرية وصفها بالخاطفة وما تبعها من مقاومة جبَّارة لدى الفلسطينيين، تمادى الاحتلال في عقابه الجماعي اقتصاديا وعسكريا ضد المدينة “العنيدة”.

ومن أعلى الهرم السياسي والعسكري، جاء قرار الحصار من وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس بممنوعات أربع:

لن يُسمح بدخول التجار وكبار رجال الأعمال الذي يحملون بطاقات “بي إم سي” (BMC) الخاصة من سكان منطقة جنين لأراضي دولة إسرائيل.
لن يُسمح بدخول وخروج عرب إسرائيل (في السيارات أو مشيا) عبر معبري الجلمة شمالا وبرطعة غربا.
إيقاف نقل الركام الصخري عبر المعابر في محافظة جنين.
بسبب الوضع الأمني، لن يُسمح بالزيارات العائلية للفلسطينيين من سكان منطقة جنين، (في نطاق الـ5 آلاف تصريح التي تمت الموافقة عليها).
وبحذر شديد، أبقى الاحتلال على السماح للعمال الفلسطينيين من حملة التصاريح من سكان محافظة جنين بالدخول إلى إسرائيل مع زيادة عمليات التفتيش في المعابر.

ولم يكتف الاحتلال بذلك، فأتبع خطواته بإجراءات عسكرية تمثلت في محاصرة المدينة أكثر ونصب حواجز ثابتة ومتحركة بمحيطها، وشددت من قبضتها فمنعت التواصل بينها وبين القرى والمدن المحيطة، عدا عن التوغلات والانتهاكات اليومية.

وأمام هذا كله انتفضت مدن أخرى بالضفة الغربية ليس على صعيد المقاومة والمواجهة ونقل المعارك لساحاتها فحسب، بل أعلنت مدَّها بالعون الاقتصادي وتسيير قوافل فردية وجماعية خلال هذه الأيام لفك الحصار والعزلة. وتبنى ذلك هيئات محلية ومؤسسات أهلية ومبادرات أخرى شخصية، وكلها أكدت “جنين ليست وحدها”.

دعم من نابلس
وفي صفحتها على فيسبوك، أطلقت رئيسة جمعية حماية المستهلك بمدينة نابلس، فيحاء البحش، أولى تلك المبادرات ووجهت “نداء” لمدن الضفة لدعم جنين وكسر حصارها بزيارتها والتبضع منها والإفطار على موائدها، إضافة إلى تشجيع طلبة الجامعات على عمل مبادرات شبابية لجمع التبرعات، وقد بدأ بعضها بالفعل، فضلا عن حملات التبرع بالدماء لإغاثة المصابين.

وتقول البحش -للجزيرة نت- إن الدعوة كانت شخصية بالبداية، لكن سرعان ما أخذت جمعية حماية المستهلك الأمر على عاتقها ووجهت دعوات عامة للجميع خاصة فئة الشباب وذلك مع اشتداد الأزمة في المدينة المحاصرة، خاصة وأنها ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يُحاصر فيها الاحتلال محافظة أو مدينة فلسطينية.

وتضيف البحش أن الحملة غير مقيدة بيوم أو بحدث أو حالة بآلية الانتقال بالحافلات العامة أو الخاصة، بحيث تخلق حالة من الحراك البشري ومن ثم النشاط التجاري المستمر، ولهذا تؤكد البحش أن هدف حملات الدعم هو التعاضد وألا يشعر أهل جنين بأن الاحتلال استفرد بهم وأنهم تركوا وحدهم لمواجهته.

وتشارك بهذه الحملات الهيئات المحلية والبلدية كما هو الحال في بلدتي سلفيت ونابلس التي أعلنت أنها سترفد المدينة بزيارات خاصة لموظفيها وتأمين حافلات لنقل المواطنين.

كما أطلقت نقابة المهندسين بنابلس حملتها “وطن واحد، همُّ واحد”، لإسناد المدينة ماديا ومعنويا، وقال يزن جبر رئيس نقابة المهندسين- فرع نابلس إن حملتهم تضامنية وتشجيعية لدعم اقتصاد المدينة.

لكن الرسالة الأهم، يضيف جبر للجزيرة نت، هو رفضهم لاستفراد الاحتلال بأي مدينة وكسر أي حصار تتعرض له، ولهذا فإن حملتهم التي ستبدأ الأحد المقبل “ستتعدد وتتنوع أشكالها، ولن تكون لمرة واحدة”.

وشهدت نابلس أيضا اعتصاما للعاملين في بلدية المدينة دعوا فيه لدعم جنين بكل الطرق لكيلا يصل المحتل إلى مبتغاه، وأكدوا أنهم سينظمون خلال الأيام القادمة زيارات داعمة.

أوضاع صعبة
وبالحصار الذي تفرضه إسرائيل على جنين، تمنع دخول نحو 8 آلاف من فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948، ينفق كل زائر منهم متوسط 100 دولار، وخلال شهر رمضان يتضاعف الزوار وحجم الإنفاق ليقترب من 250 دولارا لكل زائر.

وزاد الأمر تعقيدا إغلاق جيش الاحتلال لـ6 فتحات (ممرات عبر الجدار الفاصل للدخول داخل الخط الأخضر) والتي يدخل عبرها 11 ألف عامل (من دون تصريح).

ويلمس تجار جنين -أكثر من غيرهم- هذا الإغلاق الإسرائيلي لمدينتهم، إذ يجلس التاجر عمر مصلح أمام محله لبيع الملابس المستوردة يقلب صفحات التواصل الاجتماعي على هاتفه الجوال ليتابع آخر الأحداث والتطورات في جنين وغيرها.

عاطف دغلس- مدينة جنين تواجه اغلاقا وحصارا اسرائيليا وتنتفش ضد الاحتلال الاسرائيلي– الضفة الغربية- نابلس- بلدية نابلس- الجزيرة نت3

يقول عمر (50 عاما) إنه يغلق محله للمرة الرابعة منذ بداية رمضان، وقبل ذلك أغلق مرات كثيرة بفعل الاقتحامات الإسرائيلية ووقوع مواجهات وشهداء، وبالتالي إعلان الإضراب العام وخلو المدينة من المتسوقين “وكأنها تتحول لمدينة أشباح”.

ويقطع عمر القادم من مدينة نابلس أكثر من 60 كيلومترا ليصل إلى دكانه بمدينة جنين، وبمجرد أن يصل محله تتصاعد الأحداث ويضطر إلى الإغلاق، ويقول في هذا الشأن “اعتدنا أن نبتاع بضاعتنا بشكل كثيف قبل رمضان بنحو أسبوعين، وبفعل الإغلاق صرنا نأتي في ساعة متأخر ونروح باكرا”.

ومثل عمر، كان الحاج أبو فريد صاحب متجر لبيع الملابس بسوق النفاع التجاري (وسط جنين) يتفقد بضاعته ويوشك أن يغلق محله الذي لم يدخله أي زبون. ويقول بلكنته العامية “اليوم اللي بستفتح أبوه شيخ” أي من يبيع من التجار أي قطعة ملابس ولو لمرة واحدة باليوم فهو محظوظ.

المؤازرة أهم وأبقى
وكانت جنين خرجت منذ أشهر قليلة من إغلاق لمعبر الجلمة الحدودي مع الداخل الفلسطيني، حيث كانت تغلقه إسرائيل بحجة التوقي من فيروس كورونا، ويعني إغلاقه عدم تنقل التجار لمعاينة بضائعهم في الميناء، وبالتالي ضياع حقوقهم بفعل المعاملات بينهم وبين التجار داخل إسرائيل، فضلا عن ارتفاع الأسعار لعدم تمكن التاجر من رؤية بضاعته وتحميلها بنفسه والإشراف على ذلك.

ويقول مدير الغرفة التجارية بجنين محمد كميل إن مثل هذه الحملات الداعمة الأهم من دعمها الاقتصادي -كون أن الأوضاع الصعبة هي حال كل المدن الفلسطينية- يكمن في المؤازرة المعنوية وأن يشعر أهل جنين أنهم ليسوا وحدهم في مواجهة الاحتلال.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.