تأملات في سورة الكهف ج1

سورة الكهف واحدة من خمس سور افتتحت بالحمد، وهي على ترتيب المصحف: الفاتحة، الأنعام، الكهف، سبأ، فاطر.
لما افتتحت الكهف بالتوحيد بحمد الله، ناسب أن تُختم بالتوحيد(قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد).
المحور الموضوعي لسورة الكهف هو : تصحيح العقيدة، وتصحيح منهج النظر والفكر، وتصحيح القيم بميزان العقيدة.
تخصيص نعمة تنزيل القرآن في بداية الكهف لأنه نعمة من أجل النعم، إذ فيه كل ما تحتاج إليه الأمة مما يتعلق بصلاح الدارين.
(الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب) فيها تشريف للنبي من وجوه: = أنه لم يقل: (الذي أنزل الكتاب) بل قرن ذكره ﷺ بذكر نعمة إنزال الكتاب.
كذلك أنه قدم ذكره ﷺ على ذكر الكتاب، ليبين عظيم منزلته. وكذلك أنه وصفه بالعبودية، إذ هي مقام عظيم (يشرف به العبد لانتسابه إلى جناب الله).
مَنْ منّ الله عليه بالعلم ينبغي أن يكون عبداً لله، فيا من شرفه الله ورفعه على ما سواه من الخلائق كن عبداً لله.
وصْفُ الله كتابه بعدد من الأوصاف تغري بالتزامه والعمل به، وتحذر من تركه ومخالفة أمره .
{لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ} إذا تقرر أن القرآن ينذر بأساً شديداً، فحق على كل عاقل أن يلتزم بكل ما فيه اتقاء ذلك البأس.
وصف القرآن بالبشارة والنذارة والجمع بينهما منهج قرآني فيه فائدة عظيمة للمربين ليسلكوا هذه السبيل، فالإنسان يحتاج إليهما وفيهما صلاح حاله.

(كبرت كلمة تخرج من أفواههم) في الآية تنبيه على عظم أثر الكلمة وخطرها، فبعض الناس يطلق الكلام على عواهنه دون نظر في عواقب كلامه، فيجر على نفسه ومن حوله الويلات، فلا بد من الحذر وكف اللسان، ففيه السلامة من العطب.

على الداعية أن يجاهد نفسه حتى يكون همه إيصال الحق للناس، وأن يكون حزنه إن ردوه لرد الحق لا لرد قوله، فإن فعل فيوشك أن يبلغ أعلى المقامات.
الاستعجال في غير موضعه يوقع صاحبه في واحد من أمور ثلاثة : التنازل أو الغلو أو القنوط .

{لنبلوهم أيهم أحسن عملا} لفتة لطيفة، لم يقل: (أكثر عملا) فلم يعلق المدح بالكثرة ولكن علقه بالحسن، وهو متكرر في القرآن.
في وصف أصحاب الكهف بالفتية ثناء عليهم بدلالة السياق، لأن الفتى يألف اللهو والباطل، فلما لم يصرفهم ذلك عن المعالي استحقوا التنويه !

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.