بديمقراطية وعدالة وتنمية… يفوز أردوغان للمرة الـ15 على التوالي

بقلم حمزة تكين من أخبار تركيا

استطاع حزب العدالة والتنمية الذي أسسه ويتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يحقق فوزه الـ15 على التوالي، إذ تمكن الحزب منفردا من حصد النسبة الأكبر من أصوات الشعب التركي خلال الانتخابات البلدية التي شهدتها تركيا أمس الأول الأحد، حتى أنها نسبة متقدمة عن نسبة آخر انتخابات مماثلة شهدتها تركيا.
كما استطاع الحزب متحالفا مع حزب الحركة القومية أن يحصد النسبة الأكبر من أصوات المواطنين، متغلبا بفارق كبير عن تحالف حزب الشعب الجمهوري مع الحزب الجيد.
بالرغم من كل الحرب الاقتصادية والإعلامية والأمنية والمالية التي تشن على تركيا عامة وعلى حزب العدالة والتنمية خاصة، أثبت الحزب مجددا خلال هذه الانتخابات أن شعبيته لم تتقلص بل زادت بشكل عام.
الناظر لرابع انتخابات بلدية يشارك فيها الحزب، وهي الانتخابات الـ15 التي يخوضها لو حسبنا البرلمانية والرئاسية منذ تأسيسه عام 2002، الناظر لهذه الانتخابات يرى أنه في عام 2004 حصد الحزب 38% من الأصوات، وفي 2009 حصد 41% من الأصوات، وفي 2014 حصد 43% من الأصوات، واليوم حصد منفردا على 45% من الأصوات، ومتحالفا مع “الحركة القومية” حصد 52% من الأصوات.
52% لتحالف “العدالة والتنمية” مقابل 37% لتحالف المعارضة، وفق النتائج شبه الرسمية.
منفردا، ووفق النتائج شبه الرسمية فاز حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات برئاسة 16 بلدية كبرى، ورئاسة 24 بلدية ولاية، ورئاسة 538 بلدية محلة، ورئاسة 200 بلدية بلدة، أي ما مجموعه رئاسة 778 بلدية.
أما حزب الشعب الجمهوري المعارض ففاز برئاسة 10 بلديات كبرى، ورئاسة 10 بلديات ولاية، ورئاسة 189 بلدية محلة، ورئاسة 33 بلدية بلدة، أي ما مجموعه رئاسة 242 بلدية.
وإن حسبنا ما حققه حزب العدالة والتنمية متحالفا مع حزب الحركة القومية، نرى أن هذا التحالف فاز برئاسة 17 بلدية كبرى، ورئاسة 35 بلدية ولاية، ورئاسة 687 بلدية محلة، ورئاسة 275 بلدية بلدة، أي ما مجموعه رئاسة 1014 بلدية.
أما ما حققه حزب الشعب الجمهوري متحالفا مع الحزب الجيد فهو كالآتي، بقي برئاسة 10 بلديات كبرى (ما حققه الحزب الجيد هنا كان صفرا)، وبقي برئاسة 10 بلديات ولاية (ما حققه الحزب الجيد هنا كان صفرا)، ورئاسة 208 بلدية محلة، ورئاسة 36 بلدية بلدة، أي ما مجموعه رئاسة 264 بلدية.
من خلال هذه الأرقام نرى أن حزب العدالة والتنمية منفردا هو الفائز الأول وبأشواط عن بقية الأحزاب، وتحالفه مع “الحركة القومية” هو الفائز وبفارق كبير عن تحالف المعارضة… إنه فوز حقيقي لا كما يُروج في كثير من وسائل الإعلام الغربية والعربية.
حتى أن هذا الترويج (الادعاء بخسارة الحزب وأردوغان) هو أمر إيجابي لتركيا وللحزب ولأردوغان، إذ أنه طالما عكفت هذه الوسائل الإعلامية على اتهام الحزب وأردوغان بـ”الديكتاتورية” و”التسلط” في إدارة شؤون تركيا، ومجرد قولهم أن هناك فوز وخسارة هو اعتراف بديمقراطية تركيا وعدم ديكتاتورية أردوغان، فأردوغان لم يحصد بأي من الانتخابات الـ15 التي خاضها نسبة 99% من الأصوات “كما يحصل لدى الأنظمة التي تحترم حقوق الإنسان في الشرق الأوسط حيث يفوز الزعيم هناك بنسبة 99% أو 98% من الأصوات”.
من إيجابيات هذه الانتخابات أيضا تمكّن حزب العدالة والتنمية من التقدم وبشكل كبير في مناطق جنوب شرقي تركيا ذات الغالبية الكردية، فهناك لم يفز حزب الشعوب الديمقراطي الذي يدعي أنه يمثل الأخوة الأكراد، بل تقدم عليه “العدالة والتنمية” لأول مرة.
وككل استحقاق هناك إيجابيات وسلبيات، وهذا يشير إلى الصحة في الأمر وعدم الإصابة بالأمراض، وهنا يمكن القول إن حزب العدالة والتنمية تعرض لسلبيات في هذه الانتخابات وخاصة في بعض الولايات الكبرى، وأهمها أنقرة وإسطنبول (التي لم تُحسم بعد بسبب الطعون وانتظار إعادة الفرز).
وهنا إشارة أن الحزب استطاع أن يسيطر على غالبية بلديات أنقرة دون الفوز برئاسة البلدية الكبرى أي أن السيطرة الفعلية مازالت بيد حزب العدالة والتنمية، والخسارة معنوية ولكنها وبالرغم من ذلك ليست بالأمر الإيجابي ولا بالأمر الذي يمكن التغاضي عنه، ونفس الأمر بالنسبة لولاية إسطنبول.
لا أعتبر السلبيات التي مُني بها حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات سلبيات حقيقية، بل في حقيقتها هي إيجابيات للحزب نفسه، ليعيد بعد كل هذه السنوات الطويلة في الحكم، من تنظيم نفسه من جديد وضخ دماء جديدة والقيام بحملة تطوير شاملة وتصحيح دقيقة لبعض سياساته وشخصياته، وبالتالي ليعود أقوى مما كان عليه ويتحضر بإيجابية وصورة أكثر إشراقا للانتخابات المقبلة عام 2023.
لم يخسر “العدالة والتنمية” لا بالأرقام ولا على الواقع، الأرقام كلها لصالحه والواقع لصالحه، فالمعارضة الآن أمام استحقاق كبير أمام الشعب في الولايات التي فازت فيها فهل تنجح أو تسقط؟، و”العدالة والتنمية” أمام فرصة كبيرة للقيام بـ”ريفراش” لكل كيانه وجسمه.
ويبقى الفائز الأول هو الشعب التركي الذي قدم للعالم كله درسا جديدا بالديمقراطية والحريات… فالشعب هو الذي يعطي الفرصة لهذا الحزب أو ذاك وهو الذي يعاقب هذا الحزب أو ذاك، وهنا في تركيا الجديدة التي بنى أسسها حزب العدالة والتنمية لا مجال إلا لإعلاء مصلحة الشعب أولا أو فليبقَ هذا المسؤول أو ذاك في منزله.
لقد قدم حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان نموذجا ناجحا في الإدارة والحكم والانصياع لإرادة الشعب، فعندما يفوز يخدم ولا يتسلط، وعندما يخسر ينصاع أو يعترض وفق الأطر القانونية إن كان هناك من مبرر، ولا يلجأ للقتل والتخوين والبلطجة والتدمير.
بالنهاية هي انتخابات بلدية محلية وليست انتخابات سياسية تحدد المسار السياسي العام للبلاد، ولكن الناظر لحجم الاهتمام العالمي بمجرد انتخابات محلية يدرك أن تركيا ليست دولة عادية اليوم، وإلا لماذا كل هذا الاهتمام بانتخابات محلية؟!
لقد أصبحت تركيا اليوم دولة ذات وزن كبير في المنطقة والعالم، وما حصل أمس الأول الأحد خير دليل على صحة هذه المعادلة… لن تتغير سياسات تركيا الخارجية على الإطلاق وسهم حزب العدالة والتنمية في انطلاق مستمر نحو أهداف 2023، على أمل أن يكون قد أصبح يومها لبقية شعوب المنطقة التواقة للحرية والديمقراطية أنظمة تحترم الإنسان وعقله وإرادته.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.