بتمويل قطري.. إطلاق برنامج الأمم المتحدة لحماية المواقع الدينية من التهديدات الإرهابية

تُعلق دول العالم آمالا كبيرة على برنامج الأمم المتحدة لمكافحة التهديدات الإرهابية ضد الأهداف السهلة وحماية المواقع الدينية، إلا أن مراقبين يرون أن نجاح هذا البرنامج يستدعي حتما ضرورة تبني إستراتيجيات عالمية جديدة تكون قادرة على مكافحة الإرهاب والتعامل مع التهديدات المتطورة بوسائل وإمكانات أكثر فاعلية.

وبتمويل قطري كامل، أُعلن عن إطلاق برنامج حماية الأهداف السهلة والمواقع الدينية، وذلك خلال حدث افتراضي رفيع المستوى نظمه مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بالشراكة مع تحالف الأمم المتحدة للحضارات ومعهد الأمم المتحدة لأبحاث الجريمة والعدالة، وبالتشاور مع الشرطة الدولية “إنتربول” (INTERPOL).

وتأتي المبادرة القطرية في إطار شراكتها القوية مع أطراف الإستراتيجية العالمية لتنسيق التعاون مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، واستجابةً لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تدعو إلى تعزيز الشراكات الوطنية والإقليمية والدولية وتبادل المعلومات والخبرة من أجل منع الهجمات الإرهابية على الأهداف السهلة.

وعبّرت المندوبة الدائمة لدولة قطر لدى الأمم المتحدة السفيرة علياء أحمد بن سيف آل ثاني عن إدراك قطر لهذه المسؤولية، ولأجل ذلك فهي تتبع نهجا شاملا لمكافحة التهديدات الإرهابية والتعامل مع التهديدات المتطورة، وبما أن البرنامج العالمي الجديد يأتي تلبية لهذه الاحتياجات فهو يستدعي تحمل الدول الأعضاء مسؤولياتها الأساسية في حماية الأهداف غير المحصنة، والرد على الهجمات والتعافي منها.

وجاء الإعلان عن البرنامج عقب تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس الماضي بالإجماع قرارا يدعو إلى ثقافة السلام والتسامح لحماية الأماكن الدينية، ويطلب من المجتمع الدولي مضاعفة جهوده لتشجيع الحوار على الصعيد العالمي ونشر ثقافة التسامح والسلام القائمة على احترام حقوق الإنسان وتنوع الأديان والمعتقدات.

وتعتبر الأمم المتحدة في قرارها غير الملزم، رغم قيمته السياسية، أن استهداف الأهداف السهلة، بما في ذلك الأماكن الدينية، على أيدي الجماعات الإرهابية ذات الانتماءات والأيديولوجيات المختلفة آخذ في الازدياد، مما يسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا وتعطيل الحياة اليومية وبث الذعر.

وإثر هذه الخطوة، فإن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مدعو في أقرب وقت لعقد مؤتمر عالمي يجمع كيانات الأمم المتحدة والدول الأعضاء والسياسيين والزعماء الدينيين والمنظمات الدينية ووسائل الإعلام والمجتمع المدني والأطراف المعنيين.

علياء أحمد بن سيف آل ثاني: قطر تتبع نهجا شاملا لمكافحة التهديدات الإرهابية والتعامل مع التهديدات المتطورة (الجزيرة)
مقاربة متكاملة
وفي أكثر من مناسبة، شددت قطر على أنه لا ينبغي حصر جهود مكافحة الإرهاب في قضايا الدفاع والأمن فقط، بل يجب مكافحته أيضا من خلال تعزيز سيادة القانون وتعزيز حقوق المواطنة، وإرساء ثقافة المصالحة والتعايش، وتقبل الآخرين ونبذ الطائفية، ومعالجة تحديات الفقر والبطالة، في إطار مقاربة متكاملة.

ويرى رئيس أكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية ماجد الأنصاري أن موقف قطر ينسجم مع رؤية المجتمع الدولي في مجال محاربة الإرهاب والجماعات المسلحة، مع عدم الاكتفاء بالمواجهة الأمنية والعسكرية المباشرة، بل أيضا من خلال معالجة جذور الظاهرة وآثارها على المجتمع.

وقال للجزيرة نت إن الدور القطري يقف دوما في صف دعم المبادرات المؤسسية سواء في إطار الإستراتيجية القطرية أو المبادرات الأممية التي تحظى بدعم الجهات السيادية في قطر بشكل مستمر، لما فيه مصلحة المنطقة وأمنها، واستقرار العالم أجمع.

وتترجم هذا البرنامج بشكل عملي خطة العمل التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عقب مذبحة مسجدين بمدينة كرايست تشيرتش النيوزيلندية في مارس/آذار 2019، والتي قتل فيها أكثر من 50 شخصا، والغاية منها حماية المواقع الدينية ومواجهة الكراهية والعنف في جميع أنحاء العالم، ووقف حملات الكراهية ضد المسلمين.

كما يهدف البرنامج العالمي لمكافحة التهديدات الإرهابية ضد الأهداف السهلة إلى فهم أفضل للتهديدات والإستراتيجيات الشاملة والتعاونية، وتبادل أفضل الممارسات، وبناء القدرات وتسهيل التعاون الدولي والشراكات مع القطاع الخاص، إلى جانب مساعدة الدول الأعضاء وأصحاب المصلحة على وضع خطط عمل وطنية لحماية الأهداف المعرضة للخطر، وتوفير التدريب العملي لدعم قدراتها على مكافحة الإرهاب، خاصة ما يتعلق بالأماكن السياحية وأماكن العبادة والأحداث الرياضية الكبرى.

انخراط مستمر
وانسجاما مع منظور يزاوج بين تمتين الإجراءات المحلية وتفعيل المشاركة ضمن الجهود الدولية والأممية، أبرمت قطر سلسلة اتفاقيات دولية لمكافحة الإرهاب، كان آخرها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عندما أبرم مجلس الشورى القطري ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب اتفاقية لاحتضان الدوحة مكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، سيعلن عن افتتاحه قريبا، بعد أن ساهمت فيه قطر بمبلغ 75 مليون دولار لدعم إستراتيجيته العامة.

ومن بين مهام هذا المكتب إجراء البحوث والتحليلات والقيام بالأعمال المعيارية لدعم مكافحة الإرهاب والتطرف، بما في ذلك سن تشريعات جديدة في جميع أرجاء العالم، والمساعدة في صياغة تشريعات وسياسات وإستراتيجيات نموذجية لمكافحة الإرهاب تقودها البرلمانات، بالإضافة إلى تقديم المساعدة الفنية والخدمات الاستشارية القانونية للبرلمانات.

كما تعتبر قطر عضوا مؤسسا في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، الذي ينسق مع 30 دولة مختلفة من بينها فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكندا والولايات المتحدة، وهي أيضا عضو فاعل في مركز استهداف تمويل الإرهاب، الذي يضم جميع دول مجلس التعاون والولايات المتحدة الأميركية.

وفي إطار تعزيز تشريعاتها المحلية، أصدر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في يوليو/تموز 2017 مرسوما ينص على تعديل قانون مكافحة الإرهاب في دولة قطر، يتضمن قوانين واضحة لتعريف الإرهابيين والجرائم والأعمال والكيانات الإرهابية وتجميد الأموال وتمويل الإرهاب.

وقد عززت هذه الإجراءات دور قطر في مجال مكافحة الإرهاب، ففي يونيو/حزيران 2020 أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تقريرها السنوي المفصل حول الإرهاب لعام 2019، والذي نوهت فيه بجهود قطر الكبيرة في مكافحته.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.