اهل الحق وأهل الباطل

‏ليس الخطر في الصراع بين أهل الحق و الباطل، فهو سنة مستمرة حتى قيام الساعة، واختبار إلهي للناس، ليعلموا مع أي فريق سيكونون، وليس الخطر في الثبات على الحق، لكن الخطر هو فقدان الناس القدرة على التفريق بين الحق و الباطل.

أوضح القرآن الكريم للناس كيف يفرقوا بينهما، وهذا يتضمن علاجا نفسيا ووقفة صادقة مع النفس:

1. نفوس الناس تحب الأسهل والأكثر أمانا، وتحارب التغيير

(وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ)
(ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
(فأبى أكثر الناس إلا كفورا)

وبالمقابل، قلة السالكين تدل على الحق، فالحق أصعب، لأن جائزته أثمن (وقليل من عبادي الشكور)

2. معظم الناس تحب الدنيا وتركن لها وتفتن بها
( كلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ، وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ)
(فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)
(وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ)

3. إتباع الهوى
قال تعالى (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ)؟
(وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ)
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) فكيف يهتدي من ملء الهوى قلبه وحرك قراراته؟
(وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ، وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ إِنَّكَ إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ)

4. مرض الكبر
(إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ)

5. العناد
وهو رد الحق مع العلم أنه الحق، وايجاد المبررات لذلك، ولو ردت مبرراتهم لخرجوا الى نطاق جديد.

(وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُون * لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ)
(وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ)

6. رضى الناس غاية لا تدرك
( ولَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُم بَعْدَ ٱلَّذِى جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِىٍّۢ وَلَا نَصِيرٍ)

(وأن احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك)

7. السفهاء يحركون الناس
ويعتقدون أن غيرهم سفهاء، والناس لا تفرق بينهما

( قالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ) (أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَٰكِنْ لَا يَعْلَمُونَ)
(سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) وهذا يوم أمر الرسول بتغيير القبلة، فجادل السفهاء

إن العاقل يفرق بين الحق والباطل في معظم الأحيان، إلا في الفتن الشديدة، وقد امتدح الاسلام أصحاب العقول، التي تسلمهم للحق ان استخدموها استخداما صحيحا، وذكر الواقدي في المغازي قصة خالد بن الوليد عند دخوله على النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: فأسرعت المشي فطلعت عليه فما زال يبتسم إلي حتى وقفت عليه وسلمت عليه، فرد علي السلام بوجه طلق، فقلت: إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال: الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً رجوت أن لا يسلمك إلا إلى الخير، قلت: يا رسول الله قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك معاندا عن الحق، فادع الله أن يغفرها لي، فقال الرسول “الإسلام يجب ما كان قبله”

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.