الهيئات التنظيمية للأسرى بالسجون الإسرائيلية.. كيف تشكلت؟ وماذا يعني حلها؟

أعلن الأسرى من جميع الفصائل الفلسطينية في سجون الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الأحد، حل الهيئات التنظيمية، في خطوة تعد جزءا من برنامج لجنة الطوارئ العليا للأسرى في سجون الاحتلال للتصدي لإجراءات الاحتلال التعسفية بحقهم.

وقال نادي الأسير الفلسطيني، في بيان صحفي، إن إدارة السجون الإسرائيلية مجبرة الآن على مواجهة الأسرى كأفراد، وليس كتنظيمات، وانتهاء العلاقة بين الأسرى وإدارة السجون التي تنظم الحياة والإجراءات اليومية داخل السجن، ومنها توزيع وجبات الطعام، والإشراف على التنظيف، وتنظيم خروج المرضى إلى العيادات، والفحص الأمني.

وأوضح نادي الأسير أن الأسرى سيشرعون الخميس المقبل في إضراب مفتوح عن الطعام بالسجون في حال لم تستجب إدارة السجون لمطالبهم الأساسية، والمتمثلة بالتراجع عن جملة من الإجراءات التنكيلية التي تهدف بشكل أساسي للتضييق على الأسرى من ذوي الأحكام العالية وتحديدا المؤبدات، وبأن تلتزم إدارة السجون أيضا بجملة التفاهمات التي تمت خلال شهر مارس/آذار الماضي.

ما هي الهيئات التنظيمية وكيف تشكلت؟
بدأ تشكيل التنظيمات داخل السجون في بداية السبعينيات، متزامنا مع تشكيل الفصائل الفلسطينية خارج السجون، فعمل الأسرى من هذه الفصائل على تشكيل هيئات تكون امتدادا للفصائل الأم في الخارج، وهو ما حول الأسرى داخل السجون من “جماعة مشتتة إلى جيش منظم”، وفق ما يقوله الأسير المحرر المتابع لقضايا الأسرى عصمت منصور للجزيرة نت، الذي أضاف أن “هذه التنظيمات أصبحت العمود الفقري للحركة الأسيرة في السجون”.

ومع الوقت، وزيادة أعداد الأسرى، تبلورت هذه التنظيمات ووضعت لوائح داخلية تتناسب مع ظروف الحياة داخل السجن، حتى تمكن الأسرى من فرض هذه التنظيمات على الإدارة والاعتراف بممثلين عنهم أمام الإدارة.

ووفق منصور كان الأسرى يسعون من خلال تشكيل هذه التنظيمات لتكريس التعريف بهم على أنهم أسرى حرب، وتحويل السجن إلى ساحة نضال اشتباك مع الاحتلال.

وقبل تشكيل هذه التنظيمات كان من يقود السجون هم الأسرى الأعلى من حيث الرتب العسكرية، وأحيانا الأقوى، فالصراع مع الإدارة كان في ذلك الوقت جسديا. وكانت إدارة السجون، والتي كانت في حينه تابعة إلى جيش الاحتلال مباشرة، تتعامل مع كل أسير بشكل منفرد.

ومع الوقت طورت التنظيمات لوائح داخلية وهيكلية تنظيمية، وأصبحت تختار ممثليها عن طريق الانتخاب، ففي داخل القسم الواحد يكون ممثل لكل تنظيم، ومن بين الممثلين يتم انتخاب ممثل القسم ليكون جزءا من الهيئات الاعتقالية العليا الممثلة لكل السجن لدى إدارة السجون.

يقول رئيس نادي الأسير قدورة فارس للجزيرة نت “هذه التنظيمات هي صورة مصغرة عن الفصائل الفلسطينية المنبثقة عنها، ولكن مع مراعاة خصوصية السجن، فيتم مراعاة تنظيم الحياة الاجتماعية والثقافية والنضالية للأسرى خلال فترة اعتقالهم”.
تنظيم شامل لحياة الأسرى
هذه التنظيمات كان لها أهميتها الكبرى في تشكيل وعي الحركة الأسيرة، ومواجهة مخططات الاحتلال في التعامل مع الأسرى على أنهم أسرى جنائيون وسلبهم صفتهم الدولية كأسرى في مواجهة الاحتلال، وفق الكاتب المختص بأدب السجون وليد الهودلي.

الهودلي الذي قضى أكثر من 15 عاما في السجون، وله عديد المؤلفات عن أوضاعها، قال للجزيرة نت إنه قبل تشكيل هذه التنظيمات كان الاحتلال يتعامل مع الأسرى على أنهم معتقلون جنائيون، مما جعل هذه التنظيمات ومنذ بداية تشكيلها تخوض المواجهة من خلال الإضرابات عن الطعام على قضايا مصيرية مثل رفض عمل الأسرى في الصناعات العسكرية الإسرائيلية، ومحاولة فرض طريقة تعامل مهينة مع السجان، مثل الانحناء له عند دخوله للأقسام.

كما استطاعت هذه التنظيمات نزع استحقاقات بنت عليها الحركة الأسيرة الكثير، مثل أن يكون لكل أسير فراش خاص للنوم، ثم سرير “بورش”، وتحديد نوعية الأكل المقدم لهم ومدة العزل وغيرها من القضايا الحياتية للأسرى.

وأيضا، من خلال هذه التنظيمات وقياداتها استطاع كل فصيل أن يحافظ على الروح الجهادية والوطنية من خلال لوائح تنظيميه ووضع البرامج الثقافية والوطنية التي تتناسب مع أيديولوجيته.

وينبثق عن هذه الهيئات مسؤول لكل غرفة في القسم، يكون مسؤولا عن تقسيم العمل داخلها، ولجان ثقافية، ولجان أمنية تحافظ على أمن المعتقل من اختراق جهاز استخبارات السجون، وتابع الهودلي “هذه التنظيمات قدمت للأسرى حياة ثقافية واجتماعية شاملة ومنظمة داخل السجن”.

ماذا بعد حل هذه التنظيمات؟
وأمام هذه الحالة من التنظيم لن تجد إدارة مصلحة السجون سبيلا سوى الانصياع لإدارة الأسرى، والتعامل مع ممثليها. كما يقول قدورة فارس.

على سبيل المثال خلال عملية عد الأسرى التي تقوم بها إدارة السجون 3 مرات يوميا، من الصعب أن تقوم بها الإدارة بدون تعاون الأسرى بالوقوف وعدم خلق بلبلة، ومقابل ذلك يتمكن الأسرى من الخروج إلى “الفورة” وممارسة الرياضة بدون عراقيل.

كما أنه إزاء أي خلل في هذه العملية وغيرها يتم مراجعة ممثل القسم وليس الأسير نفسه، والعكس هو ما يعنيه حل التنظيمات، فيصبح على إدارة السجن أن تتعامل مع كل أسير؛ وهذا ما يخلق أجواء مشحونة وحالة من التوتر الذي يؤدي إلى تعبير كل أسير عن رفضه أو غضبه بطريقته الخاصة تصل أحيانا إلى عمليات طعن للسجانين من قبل الأسرى.

يقول منصور عن ذلك “هذا يعني أن يعيد الأسرى الصراع إلى مرحلة الفوضى التي كانت عليه قبل تشكيل هذه التنظيمات”. والتخوف بالنسبة لمنصور أن تطال هذه الفوضى العلاقات الداخلية بين الأسرى أنفسهم.

ويقلل فارس من هذا التخوف، فيقول إن إعلان الأسرى حل الهيئات التنظيمية يتعلق فقط بتمثيلها للأسرى أمام إدارة السجون، ولكن ذلك لا يعني أن تتوقف عن إدارة الشأن الداخلي للأسرى. مشيرا إلى أن الأسرى بناء على هذا القرار أصبح لديهم أوراق ضغط إضافية يمكن استخدامها لإجبار الإدارة على التراجع عن قرارها، مثل عدم الالتزام في العدد وعدم التعاون خلال الإجراءات اليومية التي يقوم بها السجانون.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.