الله الغني

مقتضى اسم الله “الغني” أنه تعالى غنيٌّ عن الخلق، غنىٌّ عن عبادتهم وطاعاتهم، فلا ينفعه إقبال من أقبل، ولا يضره إعراض من أعرض.. ومع ذلك؛ من أقبل أقبل الله عليه، ومن أعرض أعرض الله عنه، لأنه تعالى غنيٌّ في رحمته وفي عزته، غنيٌّ في عظمته وفي قوته، غنيٌّ في جوده وكرمه.. إذا أعطى أفاض، وإذا رحم أنعم، وإذا أخذ لم يرد أخذه شيء.. فغناه مطلق وفقر ما سواه إليه مطلق، لا يُعطي لأجله ولامتثال أمره إلا خير ما أُعطي..

فمن غناه.. جعل الرحمة مائة جزء، أمسك عنده تسعة وتسعين، وأنزل في الأرض جزءًا واحدًا يتراحم به الخلق، وإذا فتح للناس رحمةً فلا مُمْسِكَ لها!
ومن غناه.. أن جنود السموات والأرض له وحده لا يعلمها إلا هو!
ومن غناه.. أن ما من دابةٍ إلا عليه سبحانه رزقها، وما أحدٌ أصبر على أذىً سمعه منه تعالى؛ يدعون له الولد ثم يُعافيهم ويرزقهم!
أتقن كل شيء في ملكه ومن توكل عليه فهو حسبه.. كثير الرزق، عظيم الخير، قديم الإحسان، دائم المعروف، واسع العلم والقُدرة والحكمة والرحمة والفضل والجود والكرم.. ولا وصف يستوعب غناه!

ومنه يُعلم سر ارتباط اسمه “الغني” باسمه “الحميد” أي شديد الحمد؛ محمودٌ على ما أنعم.. حامدٌ للمؤمنين بالقبول والإثابة رغم غناه عن طاعتهم وحمدهم.. فله بالغ الحمد من جهة، وعليه جزاء المُحسن؛ أوفى الجزاء من جهة..

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.