القارئ المتدبر: ظهر الفساد في البر والبحر

بقلم سفيان أبوزيد

قوله تعالى
{ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون}

لماذا قال ظهر ولم يقل وجد؟

لان الفساد لا ينعدم، فالدنيا بنيت على نقص وتدافع. ولا يمكن ان ينعدم، وبالتالي فالإشكال والخطر هو ظهوره وفشوه وطفوحه حتى يصبح ظاهرة من الظواهر ، والالف واللام في الفساد تفيد العموم والاستغراق لكل انواع الفساد الاخلاقي والسياسي والمالي والثقافي والاجتماعي …

والبر والبحر هما مكونا هذه الارض. وقدم البر لان مسبب ذلك الفساد هو قاطن على ذلك البر فينطلق الفساد من البر ليصب وينتشر في البحر…

لماذا قال الله سبحانه بما كسبت ايدي الناس ولم يقل بما عملت أيدي الناس؟

الباء هنا سببية أي بسبب ما كسبت…
وعبر بالكسب لان الكسب هو نتيجة العمل وثمرته وبالتالي فالفساد لا يصبح ظاهرة الا بعد أعمال متعاقبة متوالية متراكمة وعبر بالايدي لان غالب عمل الانسان يكون بيده وغالب كسبه يأخذه بيده…

لماذا لم يقل بما أفسدت أيدي الناس؟

لان منظومة عملهم الصالح منه والطالح لم تكن وفق منهج الله فليس بالضرورة ان يكون سبب الفساد هو فعل فاسد إذ يمكن ان يكون فعلا صالحا في أصله إلا انه وضع في غير محله وهنا يدخل الاسراف والتبذير وهدر الطاقات وعدم استثمار القدرات..

لماذا عبر بالذوق؟

اللام هنا لام المآل والعاقبة.
وعبر بالذوق للدلالة على الامعان في شعورهم وإحساسهم بمرارة تخلفهم عن منهج الله في منظومة أعمالهم.

لماذا لم يقل كل الذي عملوا؟

هنا تتجلى رحمة الله وجبره وحفظه ولطفه اذ لو أذاقنا كل الذي عملنا لحيق بنا ولانتهينا.
وللدلالة على ان إذاقتنا ليست مقصودة لذاتها وانما هي وسيلة لإفاقتنا من غفلتنا فقط وهذا تجل آخر لرحمته سبحانه وتعالى…

لماذا لم يقل بعض الذي كسبوا؟

لان العمل هو سبب الكسب والكسب هو سبب ظهور الفساد فالقرآن هنا يرجعنا الى الاصل وهو العمل أي لو كان عملكم وفق منهج الله لصلح كسبكم ولما ظهر الفساد.

لعلهم يرجعون

لعل هنا للدلالة على النتيجة لأنه اذا طفح الفساد بالناس فهو دافعهم وبريدهم الى مراجعة منهج الله.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.