الفقراء يدخلون الجنة و الأغنياء كذلك

بقلم احمد كشيكش

سيقنعونك ، أن الفقر ليس عيبا و أن الله يحب الفقراء أكثر ، و أن النبي – عليه

الصلاة و السلام كان فقيرًا . و أن القناعة كنز لا يفنى ، و أن الزهد فضيلة و الطمع

رذيلة. وأن الطيبة هي رأسمال الفقراء ، و أن الأغنياء هم محض مصاصي دماء .

نوع جميل من المخدرات ، ستجعلك تتسمتع بفقرك و تستلذ بحاجتك فترضى بضعفك

وقلة حيلتك .

لن يحدثك أحد عن عثمان و جيش العسرة ، و لا عن طلحة و سخائه ، و لا عن

الزيبير و عقاراته ، و لا عن بن عوف و تجارته ، و لا عن ابن أبي وقاص وصدقاته،

رضوان الله عليهم أجمعين.

لن يحدثك أحد عن إستعاذة سيدنا محمد – صلوات الله عليه – من الكفر و الفقر و لا

أن اليد العليا خير من اليد السفلى و لا أن المؤمن القوي خير عند الله من المؤمن

الضعيف .

بل سيقولون لك ، انه لا بأس أن تكون فقيرا ، ضعيفا ، محتاجا ، فحينها لن تسأل ..

لن تنتقل لمرحلة تطالب فيها بأكثر من قوت يومك ، لتتساءل فيها عن الظلم و عن

الإنبطاح أو حتى عن الإستضعاف …

فحينها ، ستصبح مزعجا ، متطفلا ، متجاوزا لمكانتك . حينها ستفكر ، ستخطط ،

ستعمل ، و ربما – لا سمح الله – … ستنتصر

(( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا

فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) الأعراف: 32

( جيوش العسرة )

تربصَ الروم بالمسلمين ، تواترت الأنباء بتجهيز هرقل لجيش عظيم ، المسلمون في

ضيق شديد ، يأمر رسول الله المسلمين بتجهيز الجيش ، المسلمون في عسرة ، و

جيش الروم ضخم جرار ، نقص حاد في الزاد و العتاد .

يحض رسول الله على الإنفاق على الجيش . ياتي الرجال بمالهم ، فلا يكفي ، و تأتي

 

النساء بحليها ، فلا تكفي …

” من يجهز هؤلاء و يغفر الله له ؟ ”

ثم يأتي عثمان … يجهز الجيش بألف بعير ، ثم ينثر بين يدي رسول الله عشرة آلاف

 

دينار مجهزا بذلك لوحده ما يقارب ثلت الجيش !

هنا ينال أغنى أغنياء الصحابة أشرف شهادة من أشرف الخلق : ما ضر عثمان ما

 

عمل بعد اليوم !

مات عثمان .. فمن يجهز جيوش المسلمين اليوم ؟

 

( في قبضة اليهود )

 

ها قد جفت كل آبار المدينة ، ما عدا بئرا واحدا . الناس في أشد حاجة للماء ، لكن

 

البئر في قبضة يهودي يبيع الماء للمسلمين و فيهم من لا يملك حتى ثمن الماء !

كيف يعيش المسلمون و قوتهم في أيدي اليهود ؟ كيف ترفع رأسك و قوتك في يد

 

عدوك ؟ ببساطة أنت لا تستطيع ذلك إلا بأن تستعيد مصدر قوتك ، لترفع رأسك لما

 

بعد المـأكل و المشرب ، و إلا فإن رأسك ستبقى في الأرض ما بقي الحال على ما هو

 

عليه .

اشترى عثمان البئر ، و أوقفها للمسلمين ، يشربون منها بلا ثمن ، لقد حرر عثمان

 

رقاب المسلمين من ذل الحاجة و قسوة الحرمان .

مات عثمان … فمن يحرر المسلمين اليوم ؟

 

( دلني على السوق )

 

وصل عبدالرحمن بن عوف مهاجرا إلى المدينة ، صفر اليدين ، لا يملك حتى قوت

 

يومه و حينما آخى رسول الله بين المهاجرين و الأنصار ، آخى بينه و بين سعد بن

 

الربيع، فقال عبدالرحمن لأخيه سعد بدلاً من قبول نصف ماله : بارك الله لك في

 

زوجك ومالك، ولكن دلني على السوق!

 

وبذلك تاجر عبد الرحمن بن عوف في سوق المدينة ، فباع و اشترى ثم باع و

 

اشترى و بفضل نبوغه ، أصبح بعد زمن قصير من أغنى أغنياء الصحابة !

 

في القادم من المقالات ، سأدلك على السوق ، عن كيفية استثمار مالك ، أفكارك،

 

معارفك ، مجهودك ، سأضعك على أول طريق إعفاف نفسك ، و التخلص من القيود

 

التي تعوق كفايتك وكفاية أمتك ، ربما لن تجد فى سلسلة المقالات كل شئ، ولكنى

 

متأكد أنك ستدرك من أين تبدأ وبهذا أكون دللتك على السوق فالزم طريقه ودل عليه

 

غيرك لعل الله أن ينفع بك وبهم .

 

و تذكر ، الفقر ليس عيبًا ، و الغنى كذلك.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.