الخيام تبقى الملاذ الوحيد للاجئين السوريين في باريس

باريس- ملتم بولور- زينب أوزيول: الأناضول

تعد الخيام الصغيرة الممتدة على طول أرصفة العاصمة الفرنسية باريس، الملاذ الوحيد الذي يحتضن مئات اللاجئين، في مواجهة البرد القارس.

إذ يسعى الفارون من الحروب والقحط والفوضى لنيل شيء من التدفأة بواسطة النار التي أضرموها بصعوبة مع هبوب الرياح القاسية.

لم تحمل السنة الجديدة بالنسبة لهؤلاء اللاجئين آمالا كبيرة، فليس لديهم مكان يأويهم، ولا أموال، ولا طعاما يتناولونه، وهكذا تطول قائمة اللاءات التي بحوزتهم.

يبدأ اللاجئون نهارهم مع بزوغ أشعة الشمس الأولى بالدخول في طوابير طويلة أمام المؤسسات الخيرية لنيل بعض القهوة والخبز.

زاهر الأفغاني، يقول للأناضول، “أنا في فرنسا منذ 7 شهور، أمضيتها جميعا في العراء، جميع من ترونهم هنا لاجئين، وكلهم ينامون في الطرقات”.

وأضاف زاهر: “كنت أسمع بأن هناك إنسانية في أوروبا، وأن حب الإنسان في فرنسا وألمانيا كبير للغاية، لكني وجدت عن قرب بأن ليس هنا أي محبة للإنسان والإنسانية، وهذا الأمر سيئ للغاية، حيث يتعرض اللاجئون هنا لأسوأ أنواع المعاملة، كما أننا نواجه إهانات لفظية، ولا أحد يهتم لأمرنا”.

من جانبه، لم يقل “عباد” القادم من باكستان، شيئا مخالفا لما قاله زاهر، إذ أوضح أن الإهانات التي تعرضوا لها في باريس، لم يشهدوها في مكان آخر من أوروبا.

ولفت إلى أن معظم اللاجئين في شوارع باريس، هم من جنسيات أفغانية وباكستانية وأفريقية وشرق أوسطية.

ويقيم معظم اللاجئين خيامهم في منطقة “بورت دو لا شابيل” لقربها من مركز قبول طلبات اللجوء.

وينتظرون منذ شهور طويلة الحصول على موعد للتقدم بطلبات لجوء، وحتى ذلك اليوم تعد الشوارع المكان الوحيد أمامهم للانتظار، كما أن ليس هناك ضمانة لنيلهم مكانا للإقامة بعد تقدمهم بطلب اللجوء.

التونسي “شاهر” أفاد بدوره، بأن هناك حالات وفاة بين المقيمين في الشوارع، حيث لقي 5 أشخاص مصرعهم جراء البرد القارس، مضيفا: “هذا الوضع يعتبر عاديا، إذ لا يوجد أحد يسأل عن أوضاعنا”.

ومن أهم أسباب أزمة اللاجئين التي تزداد تفاقما يوما بعد يوم، هي عدم وجود مخيمات كافية لإقامة جميع اللاجئين في البلاد.

ونتيجة لهدم مخيم “كاليه” الذي نقل الإعلام أنباء عن انتهاكات حقوق الإنسان فيه بكثرة عام 2016، ازداد عدد اللاجئين في الشوارع بشكل كبير.

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن 5 آلاف و596 لاجئا كانوا يقيمون في المخيم المذكور، في حين تشير التوقعات أن عددهم يناهز الـ 7 آلاف لاجئ.

وكان رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب، قد صرح خلال الصيف الماضي، أن قرابة 40 بالمئة من اللاجئين في فرنسا ليس لديهم مكان يأويهم، وأنه سيتم بناء 12 ألفا و500 مكان إقامة إضافي خلال العامين القادمين.

وبلغ عدد المهاجرين إلى فرنسا في عام 2016 فقط قرابة 85 ألفا.

وتعطي الحكومة الفرنسية الأولوية لاستقبال الأطفال والنساء والعائلات، بينما تسمح للذكور العازبين بالإقامة في مراكز اللجوء 10 أيام فقط.

وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد أيام قليلة من توليه للحكم، أنه “يجب علينا احتضان اللاجئين، هذا واجبنا وعلينا الشعور بالفخر حيال ذلك”.

لكن بالرغم من هذه التصريحات الإيجابية إلا أنها تتعارض كثيرا مع ما يقوله اللاجئون.

فاللاجئ الليبي “محمد” أشار إلى أنه هاجر إلى فرنسا هربا من تجار البشر في بلاده ومآسي الأطفال اليتامى، وسنين الحرب الطويلة، مضيفا أنه تعرض للخطف من تجار البشر دون أن يرغب في سرد المزيد من التفاصيل.

وأضاف “يجب على الناس التعرف إلى الظروف التي نعيشها، إذ لا يوجد هنا مكان نستحم فيه، ولا يوجد أحد يمد لنا يد المساعدة”.

كما يعيش اللاجئون في الشوارع وسط حالة من الفزع والقلق، خوفا من مداهمة الشرطة للمخيمات والقيام باقتلاعها، وهو ما تفعله باستمرار منذ 7 أعوام.

وتابع “محمد” قائلا: “باريس باردة للغاية وليس لي فيها منزل يأويني، كل مرة تداهم فيها الشرطة خيامنا يقولون لنا اذهبوا لمكان آخر، وعندما نقوم بذلك تأتي الشرطة ثانية ويطلبون منا الانتقال مرة أخرى، وهكذا نواصل التنقل من مكان لآخر”.

من جانبها تجد الشابة الأفغانية “غُل” ذات الـ19 ربيعا، صعوبة في الوقوف والحديث مع هبوب الرياح الباردة في المساء، إذ قالت وهي ترتعش إنها في باريس منذ عام تقريبا، وإنها فقدت والديها، ولديها أخ واحد فقط لم تتحدث إليه منذ سنة كاملة.

وأردفت بأنها تقيم في خيمتها الصغيرة برفقة 4 آخرين.

إقبال أيضا أفغانية مثل “غُل” إلا أنها ليست لاجئة، حيث توجد في منطقة المخيمات بغرض تقديم المساعدة كلما سنحت لها الفرصة.

وأفادت إقبال للأناضول بأنه “ليس لدى هؤلاء أي شيء هنا”، ومن ثم وجهت سؤالا للمجتمع الدولي قائلة: “إنهم يفرون من الحروب والفقر، لو لم يكونون يعانون من المآسي، هل كان أحدهم سيهاجر للعيش هنا؟”.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.