الابتعاد عن الخيال في الدين

هناك الكثير من القصص الخيالية في التاريخ الإسلامي، فلابد أن نوضح أنه إذا انتزع العلم من سياق القصة الخيالية، أصبحت أقرب للفانتزيا أو الخيال النقي بلا حدود أو حقائق.
فهناك أخطاء كثيرة في السيرة, أو في التاريخ الإسلامي، كمثال على ذلك أن أبا حنيفة النعمان -رضي الله عنه- أربعون سنة صلى الفجر بوضوء العشاء.
هذا كلام يُيَئس, غير معقول! إذا الإنسان لم ينم يوماً يختل كل كيانه. فإذا أعطيت إنساناً صفة ليست واقعية, معنى هذا أنت تُيَئس الناس من دين الله عز وجل.
هناك سحبات كثيرة في حياة العلو التي يعتقد ان لا أصل لها؛ فالنبي نام, وقام, وصلى, وصام, وأفطر, فإذا قال سيد الخلق – لا يوجد إنسان محبته لله تفوق محبة النبي-: أشدكم لله خشية أنا:

{فَإِنِّي أَنَامُ وَأُصَلِّي، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ}

فإذا بيّن الإنسان للناس أنه يفعل شيئاً غير واقعي, الناس لن تصدقه, أصبح الدين شيئاً خيالياً, غير واقعي, لكن لا؛ نم, واستيقظ, واعمل, واكسب مالاً, وأنفقه في سبيل الله:
﴿وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (62) بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ (63)﴾ سورة النساء.

ولعل سرد مثل هذه الروايات التي هي اقرب للخيال دون تعقب مما يقعد بهمم الناس ويضعف عزائمهم، فإن الطريق الوعر يقل سالكه ويكثر المنقطعون فيه، وهذا تنبيه يؤخذ بالاعتبار في روايات كثيرة نقلت عن السلف رضي الله عنهم، كما تجد طرفًا منها في صفة الصفوة وغيره، فمنها ما لا يصح أصلًا وهو من تزيّد الرواة ومبالغاتهم، أو يكون محمولًا عن قصد الكثرة دون العدد، ومنها ما يكون صحيحًا ولكن لا دليل على مشروعيته.

وكمال الاقتداء والتأسي إنما يكون برسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال ربنا سبحانه: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)) [الأحزاب:21].

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.