وضع البيض في سلة واحدة في البداية ليس خطيرا كما نظن

“في اليوم الذي تكف فيه عن السير في طريقك ومطاردة حلمك، وعن التفاؤل والأمل، اعلم أن هذا هو اليوم الذي فشلت فيه”

لا يحتاج الأمر لخبير كي يؤكد لنا أن اعتماد أي شركة ناشئة على عدد قليل من العملاء أمر خطير يجب تداركه، لكن باحثة فنلندية عملت بجانب أستاذ هندي في الولايات على مر ست سنوات وتابعت خلالها 180 شركة ناشئة في إنجلترا، هذه الباحثة وجدت أنالاعتماد على عميل أو اثنين كبيرين في بداية الشركة الناشئة لعدة سنوات ليس بالأمر الخطير كما كنا نظن، على أن البحث كذلك لم يعارض حقيقة أن أي عميل لأي شركة سيأتي عليه يوم ويتوقف عن التعامل مع هذه الشركة، لعدد لا نهائي من الأسباب، لكن ذلك يمكن أن يتأخر حتى يشتد ساعد الشركة الناشئة وتبدأ في كسب المزيد من العملاء، أو بكلمات أخرى، يمكنك أن توسع شركتك الناشئة اعتمادا على عدد قليل من العملاء الكبار.

بدأت القصة في التسعينات من القرن الماضي حين لاحظت هيلينا يلي-رنكو أن شركات الاتصالات الناشئة في فنلندا تعتمد في بدايتها على السعي بقوة لعقد صفقات مع رائدة السوق الفنلندي شركة نوكيا، بدلا من السعي لزيادة عدد العملاء، لكن هذه الشركات لم تحاول إخفاء قلقها من أن يكون ذلك الأمر خطئا استراتيجيا يهدد حياة تلك الشركات. هذه الملاحظة جعلت هيلينا تبحث في الأمر لتعرف هل هذا الخوف له ما يبرره، أم يمكن للحقائق أن تثبت شيئا آخر.

عبر مراقبة الشركات الناشئة في انجلترا على مر 6 سنوات، وعبر الحوار مع المؤسسين والمديرين فيها، طرحت هيلينا السؤال: كيف يمكن للاعتماد على عميل واحد كبير مساعدة الشركة الناشئة على توسيع قاعدة عملائها. كانت 30 من هذه الشركات الناشئة معتمدة تماما على عميل واحد كبير، يحقق لها أكثر من نصف أرباحها، أو ما نسميه الاعتماد التام على عميل واحد.

جاءت نتائج البحث مخالفة للحكمة العامة السائدة، إذ أن نسبة كبيرة من الشركات الناشئة التي ركزت على عميل كبير أو اثنين في أعوامها الستة الأولى، هذه الشركات حققت نتائج إيجابية في نهاية الأعوام الستة وتمكنت من توسيع قاعدة عملائها وزيادة عددهم. لماذا؟ ترى الباحثة أن تركيز الشركة الناشئة على عميل أو اثنين فقط، يساعدها على تقديم خدمة ممتازة تساعدها في الحفاظ على هذا العميل، كما أنه يقلل من نفقات جهود زيادة المبيعات، فيزيد من هامش الربح، والذي يمكن إعادة استثماره فيما بعد في البحث عن عملاء جدد. كذلك وجدت الباحثة أن العميل الراضي يجلب المزيد من العملاء، الأمر الذي يساعد الشركة الناشئة على زيادة عملائها بتكلفة أقل من غيرها.

على الجهة الأخرى، تشير الباحثة لوجود عوامل كثيرة تتحكم في الأمر، إذ أن 30 شركة من إجمالي الشركات الناشئة التي راقبتها أغلقت أبواها ولم تصمد. كذلك تؤكد الباحثة أن هناك نسبة اعتماد محددة يجب ألا تتخطاها الشركات الناشئة عند اعتمادها على عميل أو اثنين، وهي نسبة تتغير من شركة لأخرى وفق ظروفها وظروف السوق وطبيعة النشاط، يمكن أن تزيد عن عميل واحد يحقق أكثر من نصف الدخل، لكن ليس لفترة طويلة، أطول من 6 سنوات.

كذلك وجدت الباحثة أن شخصية مؤسس الشركة ومديرها تؤثر كثيرا، فالعميل الواحد يكون ذا أهمية شديدة للشركة الناشئة، أهمية توجب التعامل بحكمة مع طلبات هذا العميل، والحرص على تقديم خدمة راقية وممتازة له. يمكنك أن تبيع إلى 10 عملاء، أو تبيع بالمقدار ذاته لعميل واحد، لكن كلفة البيع للعميل الواحد ستكون أقل، من حيث الوقت والجهد والمال.

الشاهد، حين تبدأ شركتك الخاصة، لا تندفع لتزيد عدد عملائك بأي شكل، ركز على الجودة لا العدد، وعلى ربحية كل عميل لا عدد العملاء أو أرقام المبيعات الإجمالية. موارد الشركة الناشئة قليلة، لذا ركز على عميل أو اثنين في البداية يحققون لك أرباحا كبيرة، هذه الأرباح ستساعد على تكبير الشركة وزيادة عدد عملائها، لكن ليس في بداية الشركة أو سنواتها الأولى. متى يحين وقت البحث عن المزيد من العملاء؟ حين يطلب منك عميلك أن تعد له عرض أسعار فتقول له أمهلني أسبوعين، ساعتها اعلم أنك بحاجة للمزيد من العاملين، والمزيد من العملاء.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.