أثارت “الرعب” عند السوريين.. ما هي أبرز ملامح السياسة التركية الجديدة اتجاه اللاجئين؟

تتكشف تدريجياً منذ أيام ملامح السياسة التركية الجديد اتجاه اللاجئين والمقيمين في البلاد بشكل عام، لا سيما اللاجئين السوريين البالغ عددهم قرابة 4 ملايين في عموم المحافظات التركية، والمتوقع أن يكونوا أبرز المتضررين من السياسة الجديدة التي تحاول من خلالها الحكومة التركية امتصاص غضب الشارع التركي، الذي تعتقد شريحة واسعة منه أن اللاجئين هم أبرز أسباب الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد في الأشهر الأخيرة.

وتصاعد الاحتقان الشعبي ضد اللاجئين السوريين بشكل غير مسبوق، عقب حملات انتخابية حادة شهدتها البلاد في الانتخابات المحلية التي جرت نهاية آذار/ مارس الماضي، حيث ركزت المعارضة على تقديم وعود بإعادة السوريين إلى بلادهم، قبل أن يضطر حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى تقديم وعود مشابهة لوقف نزيف الأصوات التي عانى منها في الأشهر الأخيرة بدرجة غير مسبوقة.

ومع خسارة الحزب الحاكم لبلديات كبرى المحافظات في البلاد، وعلى رأسها اسطنبول بفارق أصوات غير متوقع، اتجهت الحكومة التركية لاتخاذ إجراءات فعلية في ملف اللاجئين لا سيما بإسطنبول في محاولة منها لإرضاء الشارع وسحب هذه الورقة من يد المعارضة تدريجياً قبيل الوصول لموعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة المقررة عام 2023.

والسبت، نقلت وسائل إعلام تركية عن الرئيس رجب طيب أردوغان قوله خلال اجتماع مغلق للجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية إن الحكومة التركية سوف تبدأ قريباً بتطبيق سياسة جديدة تتعلق باللاجئين في البلاد بشكل عام، والسوريين منهم بشكل خاص.

وبحسب هذه التسريبات، فإن أردوغان أكد أن السياسة الجديدة تشمل تشجيعا أكبر للسوريين للعودة إلى بلادهم بطرق مختلفة، والترحيل الفوري لكل من يقوم بأي عمل مخل بالأمن أو القانون، وفرض رسوم على الخدمات الطبية المقدمة للاجئين السوريين، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.

السياسة التركية الجديدة تشمل الترحيل لسوريا وتشديد التنقل بين المحافظات والخدمات الصحية

وفي خطوة موازية، عقد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، ووالي إسطنبول وعدد من كبار المسؤولين لقاء مع ممثلي عدد من المؤسسات الإعلامية العربية في إسطنبول لإطلاعهم على خطة تنفيذية جديدة للحكومة التركية تشمل ملفات الهجرة غير القانونية، والهجرة النظامية، وإطار الحماية المؤقتة.

واستناداً إلى تصريحات أردوغان، وفحوى المعلومات التي تحدث بها وزير الداخلية ووالي إسطنبول، والإجراءات التي بدأت تطبقها السلطات التركية، فإن الإجراءات المقبلة في ملف اللاجئين خلال الفترة القريبة المقبلة سوف تكون على النحو التالي:

أولاً: تقيم الغالبية العظمى من اللاجئين السوريين في تركيا بموجب قانون الحماية المؤقتة، وهم مسجلون في محافظات تركية مختلفة، ويتوجب عليهم بحكم القانون البقاء في محافظاتهم الأصلية وعدم التحرك منها إلا بموجب “إذن سفر” يتم الحصول عليه من الجهات الرسمية، ولكن السلطات تساهلت طوال السنوات الماضية في تنقلات اللاجئين السوريين، وتقول بعض التقديرات إن قرابة نصف مليون لاجئ سوري مسجلين في محافظات أخرى يقيمون في إسطنبول منذ سنوات بشكل غير قانوني بحثاً عن العمل المتوفر أكثر في كبرى المحافظات التركية، وبموجب الإجراءات الجديدة يتوقع أن تبدأ السلطات التركية بإعادة هؤلاء إلى محافظاتهم الأصلية من أجل تقليل أعداد اللاجئين في إسطنبول التي شهدت أكبر قدر من الاحتقان والمشاكل بين السوريين والأتراك في الأسابيع الماضية، لكن هذا الإجراء يمكن أن يؤدي إلى فقدان مئات آلاف اللاجئين لعملهم ومصدر دخلهم.

ثانياً: منذ نحو 3 سنوات توقفت الجهات الرسمية عن السماح بدخول اللاجئين من سوريا إلى تركيا بشكل رسمي، وبالتالي لم تعد تمنح بطاقات الحماية المؤقتة، لكن عشرات الآلاف وربما أكثر دخلوا تركيا بشكل غير قانوني وأقاموا فيها بدون أوراق رسمية تثبت ذلك، وهؤلاء يتوقع أن يكونوا أحد أبرز الإجراءات الجديدة وذلك من خلال تحديدهم وإعادة إلى سوريا كون وجودهم يعتبر “غير قانوني”.

ثالثاً: طوال السنوات الماضية، تساهلت الجهات الرسمية التركية مع عمل اللاجئين بشكل غير قانوني، لكن وبموجب الإجراءات الجديدة سوف تكثف السلطات الأمنية حملاتها لملاحقة العاملين بشكل غير قانوني في كافة المجالات، وهو ما يعتبر بمثابة تهديد مباشر لعمل مئات آلاف اللاجئين الذين يفضلهم أصحاب العمل لقبولهم بالعمل دون إجراءات رسمية وتأمين صحي ما يجعلهم أقل كلفة، وفي حال اشتراط تسجيلهم بشكل رسمي، فإن أصحاب العمل ربما يلجؤون وقتها إلى تشغيل الأتراك مكانهم.

رابعاً: قدّم أردوغان ووزير الداخلية ومسؤولون آخرون وعودا قاطعة بترحيل أي شخص يخل بالقانون والنظام بشكل فوري إلى سوريا، ويتوقع أن يكون هذا البند مدخلاً لترحيل الكثير من السوريين إلى مناطق درع الفرات وغصن الزيتون في سوريا، حيث زادت أعداد المرحلين في الأسابيع الأخيرة بشكل كبير.

خامساً: بدأت الحكومة التركية بتطبيق سياسية جديدة وتشجيع أكبر للعائلات التي ترغب في العودة الطوعية إلى الشمال السوري، حيث نجحت هذه السياسة في السابق بإعادة قرابة 335 ألف سوري إلى بلادهم، وتأمل تركيا بتحقيق تقدم في ملف إعادة الهدوء إلى إدلب أو القيام بعملية عسكرية شرفي الفرات أو التوصل لاتفاق قريب مع واشنطن حول منطقة آمنة جديدة من أجل فتح الباب أمام إعادة دفعات جديدة من السوريين إلى بلادهم.

سادساً: حرضت المعارضة الشارع التركي مراراً من خلال التأكيد على أن السوريين يحصلون على الخدمات الصحية بشكل مجاني وهو ما لا يحصل عليه الأتراك، وعلى الرغم من أن هذه الخدمات تأتي بتمويل من الاتحاد الأوروبي، يتوقع أن تلجأ الحكومة التركية لفرض رسوم “رمزية” على الخدمات الطبية، وذلك ليس مقابل العلاج، ولكن لإيصال رسالة إلى الشعب التركي بأن الخدمات الطبية للاجئين باتت مدفوعة من قبلهم.

سابعاً: لا تنحصر السياسة التركية باللاجئين السوريين فقط، ويتوقع أن تمتد لتشمل المقيمين العرب، من حيث ترحيل المقيمين بشكل غير قانوني، وترحيل من يثبت عليه الإخلال بالأمن او القانون، وملاحقة العاملين بشكل غير قانوني، واتباع إجراءات أشد فيما يتعلق بمنح “الإقامة السياحية” التي يقيم بموجبها مئات آلاف العرب ويعمون من خلالها بشكل غير قانوني.

ثامناً: إلى جانب ذلك، يتوقع أن تتبع وزارة الداخلية التركية إجراءات مشددة أكبر بكثير ضد مهربي البشر والهجرة غير الشرعية من البلاد، والتي فتحت الباب أمام قدوم أعداد كبيرة من المهاجرين من العالم العربي وأفغانستان وإيران بحجة السياحة أو بشكل غير قانوني، ما كدس أعدادا كبيرة منهم في تركيا، وبات جزء منهم يقيم أو يعمل في إسطنبول بشكل غير قانوني.

وبحسب آخر إحصائيات تحدث عنها وزير الداخلية التركي، يوجد في تركيا 3 ملايين و630 ألف سوري تحت بند الحماية المؤقتة، وأكثر من مليون أجنبي ممن لديهم بطاقات إقامة، فضلا عن 300 ألف شخص تحت بند الحماية الدولية، وقال صويلو: “تستضيف تركيا حوالي 5 ملايين أجنبي مقيم، بينهم حوالي مليون شخص في إسطنبول فقط”.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.