الشهرة القبيحة

روى الإمام ابن الجوزي حادثة وقعت أثناء الحج في زمانه فقال: بينما الحجاج يطوفون بالكعبة ويغرفون الماء من بئر زمزم قام أعرابي فحسر عن ثوبه، ثم بال في البئر والناس ينظرون، فما كان من الحجاج إلا أن انهالوا عليه بالضرب حتى كاد يموت، وخلّصه الحرس منهم، وجاؤوا به إلى والي مكة، فقال له: قبّحك الله، لِمَ فعلت هذا؟ قال الأعرابي: حتى يعرفني الناس، يقولون: هذا فلان الذي بال في بئر زمزم!!

إنها “نفس مريضة” جمعت بين خسة الهمة، وقبح الفعل، ولؤم الطبع .. فليس لها أعمال مشرّفة تُذكر بها، فلجأت إلى أقصر الطرق “للشهرة” لزائفة القبيحة.

إنه إنسان نكرة مغمور يعمل أعمالا، ويرتكب فعالا يخجل التاريخ من تدوينها، ويستحي الناس من ذكرها .. لماذا؟ .. لأجل أن يُذكر!

و ما أشبه الأمس باليوم. يأتي إلى مقدسات الناس التي لا يختلف عليها اثنان فيتناولها بالهمز واللمز والتجريح والتشكيك .. لماذا؟ .. لأجل أن يُذكر!

يأتي إلى عباد الله الصالحين الذين يعرفهم المجتمع بالخير والصلاح والنفع فيتناولهم بالشتم واللعان والتهكم والازدراء .. لماذا؟ .. لأجل أن يُذكر!

يأتي إلى شخصية علمية أو اجتماعية أو دعوية أو سياسية لها مكانتها في المجتمع فينهال عليها كذبا وافتراءا وتشويها .. لماذا؟ .. لأجل أن يُذكر!

يسجل مقطع فيديو، أو يكتب منشور فيفتي فيه بإحراق أو قتل فئات من الناس بدافع عنصري أو مناطقي أو حزبي .. لماذا؟! .. لأجل أن يُذكر!

إنها أقصر الطرق لانتشار اسمه المشوه .. وأقصر الطرق لتداول مقاطعه المزرية، ومنشوراته القبيحة. فلا تسقطوا في التسويق لهم. و امتنعوا عن تداول مقاطعهم.

ليس له أعمال مشرّفة يُعرف بها وينشرها بين الناس، فليس أمامه إلا التسويق الرخيص لنفسه المريضة عبر البول في بئر زمزم.

شاهد أيضاً

طرق النجاة والفلاح ودخول الجنة!

إن بداية الطريق إلى الجنة هو أن نتذكر الغاية التي خلقنا الله تعالى لأجلها، حيث قال: ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون *ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون*﴾ [الذاريات: 56 ـ 57]. ومعنى الآية أنه تبارك وتعالى خلق العباد ليعبدوه وحده، لا شريك له، فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير محتاج إليهم، بل هم الفقراء إليه في جميع أحوالهم، فهو خالقهم ومصورهم ورازقهم.