مجلة تايم: واشنطن لا تزال تتكتم على تعذيب معتقلي غوانتانامو

قال محامٍ يعمل لصالح منظمة أميركية للدفاع عن الحقوق والحريات، إن حكومة الولايات المتحدة لا تزال تتكتم على قصص التعذيب التي مارستها وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.أي) بحق المعتقلين في سجن غوانتانامو السيئ الصيت.

وكتب درور لادين محامي مشروع الأمن القومي التابع للاتحاد الأميركي للحريات المدنية، في مقال نشرته مجلة تايم، أن الاختصاصي النفسي جيمس ميتشل -الذي تعاقدت معه “سي.آي.أي” لوضع برامج التعذيب- أدلى بشهادته خلال جلسة استماع تمهيدية أمام إحدى المحاكم العسكرية في غوانتانامو، التي تنظر في إجراءات إنزال عقوبة الإعدام بالرجال المتهمين بالتآمر في هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على مدينتي نيويورك وواشنطن.
وأكد لادين أنه حضر جلسة الاستماع في معتقل غوانتانامو الواقع في قاعدة بحرية أميركية جنوب شرقي جزيرة كوبا، بصفته محاميا يمثل الضحايا والناجين من برنامج التعذيب المذكور، في دعوى قضائية ضد ميتشل وطبيب آخر يدعى بروس جيسن.

أفعال بشعة
وأضاف أن حضوره الجلسة جاء أيضا بوصفه ممثلا عن الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، الذي يُعد مراقبا رسميا من المنظمات غير الحكومية للجان العسكرية.

واعترف ميتشل أثناء جلسة الاستماع بدوره في ارتكاب أفعال “بشعة” تنتهك صراحة الحظر القانوني المطلق للتعذيب، ليقينه بأنه لن يواجه تهما جنائية أبدا.

بل إن ميتشل -بحسب لادين- سعى للتربح من إفشائه معلومات أمام المحكمة، ناشرا مذكراته في كتاب، وطلب من الحضور في الجلسة شراء نسخ منه.

ورغم أن التعذيب يعدُّ جريمة، وأن ميتشل أدلى بشهادته حول الاعتداء على السجناء، وغمرهم بالماء وتجويعهم وتجريدهم من ملابسهم وتهديد أحدهم بقتل ابنه، فإنه لم يُحاكَم على ذلك.

وفي واقع الأمر، لم تتخذ الحكومة الأميركية أي إجراء لمقاضاة أي شخص على أعمال تعذيب منهجي ارتكبتها “سي.آي.أي” أو متعاقدون معها.

التستر على الجرائم
وعلى العكس من ذلك، فقد تذرعت الوكالة بالقول إن كل من شارك في تعذيب سجناء غوانتانامو، جدير بأن يتم التستر على جرائمه.

وبموجب قوانين الوكالة المتعلقة بالسرية، والتي يصفها كاتب المقال بالسخيفة، فإنه يجوز للحكومة ألا تفشي أسماء المشاركين الآخرين في برنامج التعذيب في قاعة محكمة غوانتانامو.

وكلما اقتربت جلسة الاستماع من كشف تواطؤ شخص ما أو دولة بعينها في برنامج التعذيب، تومض أضواء حمر ويعم الضجيج أرجاء الصالة المخصصة للجمهور.

ويلفت لادين -في مقاله- إلى أن مديرة “سي.آي.أي” الحالية جينا هاسبل، اشتهرت على نطاق واسع بأنها أشرفت على أحد أماكن التعذيب في تايلند، وبتأييدها إتلاف أشرطة فيديو تصور عمليات تعذيب مارستها وكالتها.

ويخول للوكالة -بذرائع تتعلق بالأمن القومي- ممارسة حق النقض المطلق لأي توصيف يفضي إلى كشف تواطؤ هاسبل في عمليات تعذيب.

ظلم بالقانون
وتحظر قوانين السرية الحكومية على المتهمين الاطلاع على الأدلة التي تُثبت تعرضهم للتعذيب، كما تمنع محامي المعتقلين من استجواب معظم الأشخاص المتورطين فيه.
اعلان

وورد في المقال أن محامي الادعاء العام ظلوا يقاطعون ميتشل أثناء إدلائه بشهادته، ويطالبونه بالحفاظ على سرية المعلومات حتى الأساسية منها، المتعلقة بأفراد الوكالة المتورطين في التعذيب.

وكشف مزودو الخدمات الطبية في غوانتنامو أنهم مُنعوا من طلب تفاصيل تتعلق بالتعذيب الذي تعرض له مرضاهم على يد “سي.آي.أي”، أو حتى الاطلاع على السجلات الصحية للمعتقلين الذين ظلوا سنوات في الأسر.

وأشار لادين بوجه خاص إلى حالة أحد المعتقلين ويُدعى -غُل عبد الرحمن- قضى نحبه قبل أكثر من 17 عاما جراء التعذيب. وقال في هذا الصدد إن وكالة الاستخبارات الأميركية لا تزال ترفض إبلاغ عائلته بما فعلته بجثة ابنها.

وبدلا من التستر على مصير المعتقلين، فإن الكاتب ينصح واشنطن بضرورة الكشف عن القصة الكاملة لبرنامج التعذيب الذي تمارسه الاستخبارات على معتقلي غوانتانامو، ويحث الكونغرس أيضا على أن ينشر تقرير مجلس الشيوخ حول برنامج التعذيب المشار إليه.

وحذر الكاتب في ختام مقاله من أنه إذا لم يخضع المسؤولون عن الجرائم المرتكبة لمساءلة علنية ومجدية، فإن الخوف سيظل قائما من أن تستمر الحكومة الأميركية في التكتم على الأسرار –بذريعة حماية الأمن القومي- على غرار ما فعله ميتشل في جلسة الاستماع.

المصدر : تايم

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".