دويتشه فيله: تحالف إسلامي سني جديد.. بعد فشل “الناتو الإسلامي”؟

ترك برس

تحدث تقرير في موقع “دويتشه فيله DW” عن “تحالف إسلامي سني” يلوح في الأفق، ركائزه الثلاثة تركيا وماليزيا وباكستان “ليست بالدول العادية”.

وذكر الموقع أن التحالف يأتي في وقت تبدو فيه التحالفات القديمة وكأنها تلفظ أنفاسها الأخيرة، كما يتزامن “مع مرور الدول المؤسسة له بعلاقات مأزومة مع دول أخرى”.

وكان رئيس الوزراء الماليزي قد أعلن عن بدء الاستعدادات لعقد قمة إسلامية مصغرة تضم 5 دول هي قطر وماليزيا وندونيسيا وتركيا وباكستان على أن تعقد القمة في التاسع عشر من ديسمبر/ كانون الأول المقبل لتشكل نواة التجمع الإسلامي الجديد.

يرى الموقع أن الولايات المتحدة حاولت الدعوة لإنشاء “ناتو إسلامي” بقيادة السعودية إلا أنه باء بالفشل. لكن التحالف الجديد الذي تقوده كل من قطر وتركيا يبدو وكأنه “موجه للحلف الذي تقوده السعودية”.

بيد أن مهاتير محمد، قال إن هدف التحالف هو “إطلاق نهضة إسلامية وتوحيد العالم الإسلامي”، والمساعدة في “تخفيف تبعية الأمة الإسلامية وإخضاعها من قبل الآخرين”.

يقول يوسف كاتب أوغلو المحلل السياسي التركي من إسطنبول إن التحالف ليس موجهاً ضد أي بلد أو أي منظمة “لكن الكل يعلم أن منظمة التعاون الإسلامي منظمة ثقيلة الحركة واتخاذ القرارات فيها بالإجماع شبه مستحيل، إضافة لذلك هناك انقسام سني شيعي بداخلها”.

وأشار، وفق “DW عربية”، إلى أن “فكرة التحالف تقضي بوجود محرك يمكنه دفع الدول الإسلامية عند اللزوم ضد أي هجوم أو خطر يتعرض له الإسلام والمسلمين في العالم، حدث هذا في السابق ولم يكن هناك أي تفاعل كبير أو إيجابي ولو أن المنظمة ليست بالفاعلية التي يجب أن تكون عليها فهذا التحالف يهدف لإعادة ترتيب الأفكار حول القضايا الكبرى لتكون هناك نواة صلبة للوقوف في وجه أي هجوم ليس بالضرورة أن يكون عسكرياً بل قد يكون هجوما ضد الإسلام وثوابته”.

وعن مواقف دول التحالف المزمع إنشاؤه من الخلاف مع الدول العظمى ضرب كاتب أوغلو مثلاً بالصين قائلاً “إن الكل يعلم أنه إن أراد أي أحد أن يقف أمامها بمفرده فلن يتمكن من ذلك حتى ولو كانت هذه الدولة هي الولايات المتحدة نفسها، والتي لها أصلاً مشاكل تجارية مع الصين ولا تستطيع فرض رأيها بالقوة على الصين.

لذا يمكن ولو بنسبة أقل أن يكون هناك إمكانية لدى هذا التحالف بقوة الاقتصاد والسياسة والسكان والموقع الجغرافي المتعدد والممتد أن يؤثر بشكل أكبر من تأثير كل دولة على حده”.

سبق الدعوة لإنشاء هذا التحالف الإسلامي الجديد اتفاق قطري ماليزي تركي بهدف إنشاء مراكز مالية عالمية في الدول الثلاث لتغطية المعاملات المالية الإسلامية في العالم.

أيضاً من المتوقع أن يشارك نحو 450 من المفكرين والباحثين والعلماء المسلمين من دول مختلفة لمناقشة القضایا العالمية التي تواجه الأمة الإسلامية.

ومن المتوقع أيضاً أن ينضم للتحالف بمضي الوقت عدة دول إسلامية أخرى، إلا أنه وبوجود هذه الدول الخمس حتى الآن كدول مؤسسة فهو يستند إلى قوة بشرية هائلة إضافة لدولة نووية ودولة عضو في الناتو وواحدة من أقوى الاقتصادات في العالم، بخلاف الدول التي تستند إلى القوة المالية الهائلة وموقع جغرافي ممتد بين أوروبا وآسيا.

ويرى محمد المشد، الباحث في الاقتصاد السياسي بأكاديمية ساواس في لندن، أن ما يمكن أن يجمع هذه الدول ويميزها عن دول إسلامية أخرى هو أن لديها طاقة بشرية هائلة إلى جانب تمتعها بالقوة السياسية والاقتصادية.

إلا أنه استدرك بالإشارة لوجود مشكلات مالية تعاني منها الدول التي تعتزم انشاء هذا التحالف مثل تركيا، مضيفاً أن “ماليزيا لديها موارد طبيعية كبيرة وقطر قوة مالية ضخمة وهكذا تتكامل هذه الدول وتعطي لبعضها وللتحالف زخماً أكبر”.

وأشار الباحث في الاقتصاد السياسي إلى أن ” مايبدو هو أن القوة الشرائية لمواطني الدول في التحالف قد لا تدعم بشكل واضح أي نوع من أنواع الضغوط الفردية أو الأحادية في وجه القوى العظمي..

فهل الشجاعة والإرادة السياسية قادران على مواجهة هذه التحديات؟ وهل يكفي ضبط الجانب الاقتصادي لتسير التعاملات التجارية فيما بينهم بمنأى عن أي ضغوط خارجية؟ كل هذا يحتاج إلى وقت ليتضح” يؤكد المشد.

المحلل السياسي التركي يوسف كاتب أوغلو أيضاً لم يستبعد فكرة أن قطر داعم مالي للتحالف الجديد، لكنه استبعد أن يكون هذا هو السبب الوحيد لانضمامها للتحالف، “فالكل يعلم أن هناك تحالفا قويا بين تركيا وقطر على أعلى المستويات واتفاقا حول الكثير من القضايا”.

وبالحديث عن العالم الإسلامي لا يمكن غض النظر عن السعودية ومصر، لكن التحالف استبعد وجودهما من البداية. وفي هذا السياق يرى محمد المشد، الباحث في الاقتصاد السياسي أن “دخول السعودية في عدة تحالفات منذ فترة مع أمريكا ورغبتها في طرح أرامكو للاكتتاب العام قد يكون مؤشراً إلى تخوفها من أزمة مالية وأنها لم تعد بنفس القوة المالية أو الأمان المالي التي كانت عليهما مسبقاً”. التوجه السعودي ربما قد يكون قد أعطى رسائل ضمنية تسببت في عدم ضمها للتحالف الجديد، يعتقد المشد.

أما يوسف كاتب أوغلو المحلل السياسي التركي فيقول إن “التحالف صدر عن دول تريد أن تشكل جبهة ليست ضد الدول الإسلامية الأخرى وإنما بين دول تتوافق فيما بينها على رؤيتها بشأن قضايا تهم الاطراف جميعها ولأي جهة الحق في أن تعترض”.

وأكّد على المكانة الروحية للسعودية “التي لا خلاف عليها من حيث أنها بلاد الحجاز وليس لأنها مملكة السعودية، فهذه بلاد لها مكانة خاصة لدى كل المسلمين في العالم لكن هذه المكانة الخاصة لبلاد الحجاز ليس بالضرورة أن تحظى بها الدولة السعودية”.

أما محمد المشد، فيقول إن هناك تغيرات كبيرة في توازن القوى السياسية والاقتصادية تحدث في العالم، “وهذه التحولات الجذرية ربما لم نشهدها منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية مروراً بالسبعينات، التي ترسخت فيها الهيمنة الغربية على مجرى السياسة والاقتصاد الدوليين”.

ويضيف المشد: “من الواضح أن هذا المشهد يبدو أنه يتغير في الوقت الحالي، والعالم الإسلامي ليس بمنأى عن هذه التغيرات، بجانب كل ما سبق من تحولات مالية وسياسية سعودية وانفتاح مصري بشكل كبير على دول أخرى ومحاولة للابتعاد قليلا عن المظلة الأمريكية.

فالكل فعلياً يستشعر اقتراب التغيرات الاقتصادية والسياسية، ومن حق الدول أن تبدأ في البحث عما يحمي مصالحها خاصة وأن التغيرات في أي توازنات سياسية تتم على أرضية اقتصادية قوية”.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.