بعد عام على اغتيال خاشفجي.. السعودية تنظم منبرا دوليا للإعلام وسط إدانة وسخرية

بعد عام على اغتيال الصحافي جمال خاشقجي، أعلنت السعودية عن خطة لتنظيم منبر بهدف تعزيز سمعة المملكة. وقال ريس ثيلبوت، مراسل الشؤون الدولية والأخبار العاجلة في صحيفة “واشنطن بوست”، إن السعودية تعد من أخطر الأماكن في العالم على حياة الصحافيين، ولكنها ستنظم منبرا وتقدم جوائز للصحافة في احتفال يهدف لتحسين سمعتها.

وأشار الكاتب إلى إعلان رئيس جمعية الصحافيين السعوديين، الأحد، وأن المناسبة السنوية “ستعزز من موقع الرياض كعاصمة للإعلام العربي”، و”ستقوي سمعة البلد كقائد في مجالي السياسة والاقتصاد الدوليين”.

وعلقت الصحيفة أن الإعلان الموجز الذي لم يتجاوز 200 كلمة، ونشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، لم يتطرق أبدا إلى مقتل خاشقجي، وهو حذف لا يثير الدهشة، خصوصا أن الحكومة السعودية رفضت التحقيق الذي قامت به الأمم المتحدة الذي وجد أن قادتها متورطون في الجريمة. إلا أن مكان المنبر الإعلامي أثار تعليقات المراقبين، واعتبروا الخطوة بمثابة المفارقة المظلمة.

وقالت ريبيكا فينسنت، مديرة مكتب مراسلون بلا حدود في بريطانيا، في تغريدة على “تويتر”: “جائزة للإعلام لن تفعل الكثير لكي تصلح الضرر الكبير لصورة السعودية الدولية في أعقاب مقتل خاشقجي”، وأضافت: “كما قلنا في زيارتنا للرياض إن الخطوة للإمام هي الإفراج عن 30 صحافيا معتقلا”. وتصدر المنظمة التي تمثلها فينسنت مؤشرا سنويا عن حرية الإعلام، ويرتب الدول حسب الحرية المسموحة للصحافيين فيها. وفي مؤشر هذا العام، نزلت مرتبة السعودية إلى رقم 172 من بين 180 دولة، وأسوأ من دول أخرى معروفة بخطورتها مثل إيران والصومال. والسبب وراء نزول مرتبة المملكة في مؤشر حرية الصحافة هي عملية القمع التي يمارسها ولي العهد السعودي ضد الصحافيين والمعارضين.

وبحسب مراسلون بلا حدود، فقد تضاعف عدد الصحافيين الذين سجنوا منذ تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد في عام 2017 إلى ثلاثة أضعاف. وتعرض معظمهم للاعتقال التعسفي والتعذيب. ولاحظت المنظمة التي تقوم بمتابعة وضع الصحافة حول العالم أن “السعودية لا تسمح بإعلام مستقل”. ومع ذلك، أعلنت السعودية أنها ستقوم قبل نهاية العام باستضافة “المنبر السعودي للإعلام،” الذي “ستتم فيه مناقشة التطورات والتحديات التي تواجه الصناعة” الإعلامية. ومن أهم التحديات التي تحدثت عنها منظمة مراسلون بلا حدود هو “الموقف العدواني من الإعلام” في المنطقة العربية.

وجاء في تقرير للمنظمة قولها إن “مستوى العنف الذي يستخدم لقمع الصحافيين الذي يضايقون السلطات لا حد له على ما يبدو”، و” يلجأ الكثير من الصحافيين بدافع الخوف أو النجاة لممارسة الرقابة على أنفسهم أو التوقف عن الكتابة بشكل كامل”. وكانت آخر مرة شوهد فيها خاشقجي عندما دخل القنصلية السعودية بإسطنبول يوم 2 تشرين الأول/أكتوبر 2018، للحصول على أوراق من أجل زواجه. وعندما لم يخرج من القنصلية اتصلت خطيبته خديجة جنكيز بالشرطة، مما أثار مخاوف عائلته وأصدقائه وزملائه. وقرر الإقامة منذ عام 2017 في الولايات المتحدة بعد خروجه من السعودية، بعد خوفه على سلامته بسبب نقده للقيادة السعودية. ورغم تصريحات ولي العهد السعودي أن المملكة ليس لديها ما تخفيه، إلا أن التفاصيل البشعة التي ظهرت لاحقا كشفت عن عملية قتله. وفي 31 تشرين الأول/أكتوبر، كشف النائب العام التركي عن عملية القتل التي قام بها فريق من 15 شخصا حضروا من السعودية. وقاموا بخنق خاشقجي ثم تقطيعه.

وغير المسؤولون في الرياض من روايتهم أكثر من مرة، فيما واصل الرئيس دونالد ترامب دعم محمد بن سلمان ووصفه بـ”الرجل القوي” الذي “يحب بلده”. وضاعف ترامب من دعمه لمحمد بن سلمان حتى بعدما توصلت المخابرات الأمريكية (سي آي إيه) إلى أن ولي العهد هو من أمر بقتل خاشقجي. ووصف السعودية بـ”الحليف العظيم”. وفي توبيخ حاد له، صوت الكونغرس في شهر كانون الأول/ديسمبر على مشروع قانون يشجب فيه الأمير محمد بسبب الجريمة.

وفي هذا الصيف نشرت خبيرة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، أغنيس كالامار، تقريرا قالت فيه إن كل الأشخاص الذين تحدثت إليهم قالوا إنه من المستبعد أن يتم عمل بهذا المستوى من دون معرفة الأمير محمد به. ودعت كالامار إلى عقوبات وتحقيق مستقل تديره الأمم المتحدة.

ولم تحدد المملكة موعدا لعقد المنبر. ولكن الصحافيين بدأوا بالحديث عن الحذر حول مصير من سيحضره. ولخص بريان ويتكر، مدير تحرير شؤون الشرق الأوسط سابقا في صحيفة “الغارديان”، في تغريدة: “تخطط السعودية لعقد منبر للإعلام الدولي” و”احضر على مسؤوليتك”.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".