¿¡اول من تسعر بهم النار؟!

نستفتح باب الرياء والسمعة وقول الله تعالى ( من كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملًا صالحًا ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا ) .
وعن جندب بن عبد اللَّه بن سفيان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال النبي ﷺ: (من سمّع سمّع اللَّه به، ومن يرائي يرائي اللَّه به) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. ورَوَاهُ مُسْلِمٌ أيضاً من رواية ابن عباس .
وعن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه)) .
وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ ﷺ يقول: (إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرّفه نعمته فعرفها، قال: فما عملت فيها قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها قال: تعلمت العلم وعلّمته وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسّع اللَّه عليه وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وقال تعالى (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ)
[سورة هود 15] بدأ الباب كالعادة بآية من كتاب الله ؛ والآية ممكن تدل على الرياء والسمعة وممكن تدل على الإخلاص .
فكما قرأنا في باب العُجب أورد آية المعارج بالعكس أن المفروض حال المؤمن في حال اشفاق .
طيب نرى آية سورة الكهف ..
الكلام عن المخلصين ؛ طيب نأتي لأفعال في الآية :
( من كان يرجو لقاء ربه ) يعني يأمل ثواب الله ابتداءً من جنات النعيم وانتهاءً برؤية وجهه الكريم سبحانه وتعالى يوم القيامة ؛ والمقصود رؤية الرضا يعني من كان يرجو لقاء ربه لقاء الرضا ؛ فيتأمل هذا وهذا الذي بين عينيه ويفكر فيه دائمًا بحيث يسيطر عليه التفكير ..
ففكر في جانب الرجاء الموجود في القلب لأنه سيأتيك النتيجة مباشرة ؛ فلو شاغله لقاء ربه فسيأتي الاخلاص في القلب ؛ ولو ما كان هذا شاغله فسيبقى الاخلاص ضعيفًا في القلب على قدر ما يشغله .
وانظر لآخر الباب في قوله تعالى
(مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ)
[سورة هود 15] يريد مكانته في الدنيا فيعمل اعمالًا صالحة ليكون له مكان في الدنيا .
فالناس بين هاتين المرتبتين ..
طيب الآن من كان يرجو لقاء ربه حقا صادقًا :
– فليعمل عملًا صالحًا .
– ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا .
طيب من الذي يقول أن هذا العمل صالحًا ويصلح أن تعمله لتجاور ربنا في جنات النعيم.؟
الله عز وجل ولذلك أرسل الرسل . فالعمل الصالح لا يكون صالحًا إلا إذا أخبر به الرسول أن هذا يوصلك لرب العالمين .
طيب في حديث أبي هريرة الناس عملت أعمالًا صالحة استشهد وحفظ القرآن وتصدق ؛ فالجهاد ذروة سنام الاسلام ؛ والعلم أفضل عمل بعد الفرائض ؛ والصدقة من اعظم ما يتقرب به الانسان الى ربه .. ومع ذلك أول من تسعر بهم النار لماذا ؟
لأنهم فقدوا الشق الثاني ( ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا ) يعني لا الناهية يعني انتهى أن يجعل في وقت العبادة والطاعة أحد مع الله يلتفت الى رضاه .

و من جملة ما ورد في الرياء و السمعة والشرك من أقوال السلف:

  • عن إياس البجلي قال: سمعت ابن مسعود يقول: من راءى في الدنيا، راء الله به يوم القيامة؛ ومن يسمع في الدنيا، يسمع الله به يوم القيامة؛ ومن يتطاول تعظماً، يضعه الله؛ ومن يتواضع تخشعاً، يرفعه الله.
  • يقول سيِّد قطب – رحمه الله – عند قول الله – تبارك وتعالى -: ﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾ [يوسف: 106] – قال: “مشرِكون سببًا من الأسباب مع قُدْرة الله في النفْع أو الضر سواء، مشركون في الدَّيْنونة لقوَّة غير قوة الله مِن حاكم أو موجِّه لا يستمدُّ مِن شرع الله دون سواه، مشركون في رجاءٍ يتعلَّق بغير الله مِن عباده على الإطلاق، مشرِكون في تضْحية يشوبها التطلُّعُ إلى تقدير الناس، مشركون في جهادٍ لتحقيق نفْع أو دفْع ضر، ولكن لغير الله، مشرِكون في عبادة يُلحظ فيها وجهٌ مع وجه الله”.

  • وقال الفُضَيل بن عِياض – رضي الله عنه -: “ترْك العمل لأجْلِ الناس رِياء، والعمل لأجْل الناس شرْك، والإخلاص أن يعافيَك الله منهما”.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *