الدعاة يتحولون للمنصات الإلكترونية.. فهل تكفي لجذب الشباب في رمضان؟

محاضرة دينية حية وأنت على أريكة قبل الإفطار، أو موعظة مع قطعة من القطائف وكأس شاي بعد الإفطار. لأول مرة يتحول كل الدعاة رغما عنهم لمنصات إلكترونية لترتبط الروحانيات بروائح البيوت وأصوات من فيها، فهل يكفي ذلك لجذب الشباب؟

صادف بداية الحجر الصحي في كثير من الدول بداية عطلة الربيع للطلاب، وهي فرصة للأنشطة الرياضية والاجتماعية والدينية، وعندما فُرض الحظر صار الإنترنت المجال الوحيد المفتوح لمن يقدمون خدمات ترفيهية أو تعليمية أو دينية.

يقول وائل علي عضو مجلس إدارة الجالية الإسلامية في شمال كاليفورنيا -وهي من أكبر المؤسسات الإسلامية والخدمات الدعوية في الولايات المتحدة- “الوضع جديد والتطورات متسارعة، والتأقلم معها شكّل تحديا كبيرا تمثل في أن الاستعدادات والأدوات الاجتماعية والندوات عن بعد تحتاج مهارات كانت محصورة في فئة قليلة من الدعاة، ويتطلب تدريب أئمة آخرين عليها وقتًا طويلًا، خاصة مع ظروف الحجر، لكن الآن لدينا خطة وبرامج يومية”.
أجواء رمضانية غائبة
كثير من المسلمين يعتمدون على أجواء هذا الشهر لشحذ هممهم والاستزادة من العبادة، وأثر ذلك كان يشاهد في ازدحام المعتمرين بمكة المكرمة، خاصة في العشر الأواخر من رمضان كل عام، وفي فيض المساجد بالمصلين، حتى إن بعض الدول الإسلامية قد تغلق شوارع حول المساجد لاستيعاب العدد الكبير من المصلين، والكثير من الشباب يجتهدون باستخدام أوقاتهم للموازنة بين الدراسة والعبادة، ويظهر ذلك جليا في الأسئلة الموجهة للبرامج الدينية.

وقد يزداد الارتباط بالمراكز الإسلامية في الغرب، إذ يحرص القائمون عليها على استيعاب المتطلبات المتباينة للجالية الإسلامية، فقد يحتوي المركز على عدة مدارس تتقاسم المكان والوقت، ويضم عادة ناديا للشباب وقاعة للمناسبات ومسابقات شعر ومباريات كرة قدم وسلة وغيرها، مما يكثف في رمضان؛ لذا فإن غياب التجمعات يمثل غياب العديد من الأنشطة، وليس صلاة الجماعة فقط.

تنافس على الجمهور
لكن لعلي رأي إيجابي في الظروف الراهنة، حيث تضاعفت المنصات والمواد الدعوية، فقبل الحجر كان الفرد مجبرًا على تقبل البرامج المتاحة في محيطه الجغرافي وفي توقيت قد لا يتوافق معه، وأحيانًا بعد أن يذهب لا يجد متسعًا في المسجد، أما الآن فقد أصبح هناك تنافس حقيقي، وصارت المراكز والمواد الدعوية هي التي تتسابق في الوصول للأفراد، ومن منصات في شتى بقاع الأرض، وفي الوقت المناسب بضغطة إصبع.

مساندة معنوية
ندى سرحان طالبة في السنة الثانية بالكلية، تخصص علم نفس؛ تقول “أستمع الآن لمحاضرات دينية أكثر من أي وقت مضى، وذلك لأننا وسط الجائحة والخوف من انتشار الفيروس، وأشعر بحاجتي إلى مساندة معنوية أكبر”.

لكن التركيز من البيت أصعب، فالهاتف تظهر عليه إخطارات متلاحقة تغيب صورة المحاضرين للحظات، ومن السهل أن يقطع أحد إخوتها استماعها، وهي أيضًا قد تنشغل بأشياء أخرى وهي تستمع، ولكن صارت لديها فرصة لإعادة استماع ما فاتها، كما قالت ندى للجزيرة نت.

منصات اجتماعية لكل عمر
ازداد عدد وسائل التواصل الاجتماعي، وكلها تقدم خدمات تبدو متقاربة، لكن الفرق في روادها. وتقول مريم أمير إبراهيمي الكاتبة والداعية الإسلامية بولاية كاليفورنيا “بدأ جمهور فيسبوك تدريجيا يتحول لجمهور أكبر عمرًا، في حين اتجه جيل الثلاثينيات والعشرينيات إلى إنستغرام.

ورغم أهمية اختيار منصة التواصل حسب الفئة العمرية المرجوة، فإن المحتوى أيضا يتغير.

تقول مديرة قسم الشباب في جمعية الثقافة الإسلامية جنين صباح “نحن نوفر المواد المتباينة لكل فئة عمرية من خلال “إنستا لايف” و”زوم” و”هانج أوت”، بهدف الحفاظ على الحالة الروحانية والصحة النفسية للشباب، عبر التواجد المستمر معهم على الإنترنت، كما نرشدهم لكيفية العبادة بمفردهم في البيت، فالتغير المفاجئ يجعل من الشاق على الشباب اتباع نظام معين، لكننا نأمل أن نتمكن من توجيههم ليحصدوا منافع التعبد الفردي”.
اعلان

أفضل الحلول
العديد من المؤسسات والجامعات أعلنت برامج مكثفة عبر الإنترنت، فأساتذة مؤسسة المغرب للدراسات الإسلامية جمعوا محاضرين لمواضيع مختلفة من خلال برنامج “رمضان 360” الذي أعلن عنه قبل يوم من بداية شهر رمضان، والذي يسمح لمن لديه مادة مفيدة بعرضها لتعم الفائدة.

كل هذه الجهود وغيرها هي أفضل الحلول في ظل الأزمة الراهنة، لكن باعتبار ذلك وضعا مؤقتا ومساندا، فكما تقول ندى “الحضور بجانب الصديقات في المسجد يضيف حماسا لا يقارن بالاستماع الفردي”.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائيل

واكبت القوى والفصائل الفلسطينية الوطنية والإسلامية في لبنان الهجوم الإيراني بالمسيَّرات والصواريخ على إسرائيل فجر الأحد، والذي استمر لنحو 5 ساعات، ردا على قصف قنصليتها بالعاصمة السورية دمشق مطلع أبريل/نيسان الجاري مما أدى إلى استشهاد عدد من قادتها العسكريين والمستشارين.