طلبة الطب بالمغرب يقاطعون الامتحانات.. سنة بيضاء تلوح بالأفق

بدت الشوارع أمام كليات الطب بالمغرب خاوية إلا من عربات رجال الأمن وفرق مكافحة الشغب وسيارات الإسعاف، بعد أن قرر زهاء 18 ألفا من طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان مقاطعة اختبارات الدورة الربيعية في سابقة من نوعها بالبلاد.

وفي وقت حددت وزارتا الصحة والتعليم العالي يوم 10 يونيو/حزيران تاريخا لانطلاق امتحانات الفصل الثاني، كان لآلاف الطلبة الأطباء قرارات أخرى، مفضلين عقد لقاءات خارج أسوار كلياتهم أو السفر صوب المدن التي ينحدرون منها.

وتتوزع كليات الطب والصيدلة على ست مدن كبرى هي الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس ووجدة وأكادير وطنجة.

وفي حين أكد مسؤولون في “التنسيقية الوطنية لطلبة الطب بالمغرب” للجزيرة نت نجاح خطوة مقاطعة الامتحانات بنسبة 100% بجميع الكليات، أوضح محمد الطاهري مدير التعليم العالي بوزارة التربية والتعليم العالي أن الرؤية لن تتضح إلا بعد انقضاء مدة الامتحانات يوم 19 من يونيو/حزيران الجاري.

يقول الطاهري: استبعد فرضية اللجوء للإلغاء السنة الدراسية (سنة بيضاء) على اعتبار أن الطلبة الأجانب وطلبة الطب العسكريين تقدموا للامتحانات فـ “الامتحانات مسألة أكاديمية تعليمية وليست إدارية، ولن تكتمل الصورة إلا بعد انتهاء فترة الامتحانات وانعقاد لجان المداولات”.

مدرجات فارغة

مقاطعة طلبة الطب والصيدلة للامتحانات لم تكن وليدة اللحظة، إذ سبقتها مقاطعة شاملة للدروس النظرية والتطبيقية استمرت زهاء ثلاثة أشهر، خرجوا خلالها للشارع مرارا عبر مسيرات ووقفات احتجاجية، شارك فيها الآلاف من الطلبة من مختلف المدن.

وندد الطلبة المحتجون بما أسموه “سوء جودة التدريب” متمثلا في الاكتظاظ وعدم استيعاب مراكز التدريب لأعداد الطلبة ونقص أعداد الأساتذة الجامعيين ممن باتوا يدرسون بكليات الطب الخاصة، في وقت دعوا إلى “تحصين الجامعة العمومية”.

من جانبها تقول آية غوتي رئيسة مكتب طلبة الطب بالرباط “عشرة أسابيع شهدت جولات حوار فاشلة بين (التنسيقية الوطنية لطلبة الطب) ووزارتي الصحة والتعليم العالي أسفرت عن مقاطعة الامتحانات، الأمر الذي يجعل السنة الجامعية تسير على طريق المجهول”.

وتشير إلى أن نجاح المقاطعة بجميع كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان دليل على عدالة ومشروعية مطالب طلبة الطب وعلى رأسها جودة التدريب، موضحة أن “مشاكل التدريب المستمر لم تعد تحتمل التأجيل”.

في مهب الريح

على الرغم من محاولة وزارتي الصحة والتعليم العالي إيجاد حل مناسب للملف، عبر إصدارهما بلاغا مشتركا تؤكدان فيه التزامهما باتخاذ 14 قرارا تستجيب لبعض المطالب فإن الخطوة لم ترق لمستوى تطلعات أعضاء التنسيقية ولم تستجب لطموحاتهم.

ومن جملة ما تعهدت به الوزارتان العمل على تأهيل وتوسيع وتجويد فضاءات التدريب العلاجي، ووضع مراكز طب الأسنان التابعة لها رهن إشارة كليتي طب الأسنان بالرباط والدار البيضاء.

ووعدت التعليم العالي والصحة بتسهيل اقتناء المواد والمعدات الضرورية لإنجاز البرامج التطبيقية والتدريب العلاجي في طب الأسنان في أحسن الظروف.

من جانبه لفت محمد يحيى رئيس مجلس طلبة الصيدلة بالرباط إلى أن وعود الحكومة كانت فضفاضة وغير دقيقة مما دفع أطباء المستقبل للتضحية بأهم الأشياء عن وعي وقناعة وصلت حد مقاطعة الامتحانات، والمخاطرة بسنة جامعية فـ “خيار سنة بيضاء أمر مطروح بشدة، ويستوعبه الطلبة المقاطعون ممن يعتبرون سنة بيضاء أرحم من مستقبل أسود”.

يبدون استعدادهم لخسارة العام الدراسي في سبيل توفير تعليم أفضل (الجزيرة)

الآباء يحتجون

لم يقتصر الاحتجاج على طلبة الطب والصيدلة بل تجاوز الأمر إلى آبائهم وأمهاتهم ممن توجهوا للكليات صبيحة يوم الامتحانات، في وقت ترى فيه رئيسة مكتب طلبة الطب بالرباط أن “الآباء والأمهات أكثر من يعيشون معاناة طالب الطب يوما بيوم”.

وتتساءل فاطمة.غ والدة إحدى طالبات الطب بالعاصمة “لم يتابع أبناؤنا دروسهم النظرية والتطبيقية منذ منتصف مارس/آذار، لتعلن الوزارة موعدا للامتحانات الربيعية، فما الذي سيمتحنون فيه؟” مبدية استهجانها من مماطلة الوزارتين المعنيتين بالقطاع وقرارهما القاضي بإجراء الامتحانات في هذه الظروف السيئة.

ويؤكد رئيس مجلس طلبة الصيدلة بالرباط أن طلبة الطب والصيدلة لا يمانعون العودة لمدرجاتهم ومختبراتهم في أقرب فرصة، شريطة استجابة الوزارتين لمطالبهم في التدريب الجيد وحماية الجامعة، وفق اتفاق واضح.

ويضيف يحيى “من اليسير ضياع سنتين أو ثلاث على أن نتحمل ذنب أجيال قادمة من الأطباء والصيادلة ممن سيتهموننا بالتقصير في الدفاع عن حقوقنا وحقوقهم”.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.