المقاومة الفلسطينية باتت جزءا من معادلة الردع في المسجد الأقصى

منذ 16 يوما، لم يدخل المستوطنون ساحات الأقصى، وانتهى موسمان تعتبرهما جماعات المعبد المتطرفة ضمن المواسم الدينية المهمة لاقتحام الأقصى. والسبب هو فعل المقاومة الفلسطينية التي انتصرت للقدس والأقصى.

إذ انتهى أمس الثلاثاء اليوم الثالث من “عيد الأسابيع” التوراتي، الذي يمر لأول مرة منذ عام 2003 من دون اقتحام الأقصى، وذلك بعد مرور ما يسمى يوم “توحيد القدس”، الذي تزامن مع 28 رمضان، من دون اقتحام أيضا.

ويرى مراقبون لما يجري في القدس أن المقاومة الفلسطينية تحقق بذلك هدفا أساسيا من أهداف هذه المعركة، وهو أن تصبح جزءا من معادلة الردع في الأقصى والقدس، رغم الحرص الإسرائيلي على عدم ذكر ذلك نصا في اتفاق التهدئة.

الأقصى خط أحمر
يقول عضو المجلس الثوري لحركة فتح وعضو مجلس الأوقاف الإٍسلامية حاتم عبد القادر إن صمود المقدسيين ومقاومتهم وإصرارهم على الدفاع عن الأقصى، بالإضافة إلى دخول المقاومة الفلسطينية على الخط؛ أفشلا مخططات المتطرفين يوم 28 رمضان وما بعده.

ويضيف عبد القادر -في حديثه للجزيرة نت- أن إفشال هذا المخطط كان نقطة تسجل للصمود المقدسي، الذي يجب البناء عليه عبر الاستمرار في الحشد والرباط داخل الأقصى، مؤكدا أن “المقدسيين قادرون على استمرار هذا الصمود وإفشال أي محاولات جديدة أخرى من المستوطنين المدعومين من كافة الأطراف الإسرائيلية لتحقيق أهدافهم، ونؤكد مرة أخرى أن الأقصى خط أحمر، ولا يمكن السماح بتغيير الوضع القائم فيه مهما كان الثمن الذي يمكن أن ندفعه مقابل ذلك”.

أما الباحث في شؤون القدس زياد ابحيص فيقول إنه يُسجل الآن أطول فترة يغلق فيها الأقصى أمام الاقتحامات منذ عام 2003، وبالتالي تشعر جماعات المعبد بأنه بعد كل هذا التقدم الذي أحرزته في أجندتها -الذي وصل إلى حد استعراض أداء الطقوس الدينية في المسجد- تتفاجأ اليوم بإغلاقه في وجه أنصارها.

ويصف ابحيص ذلك بالضربة العكسية لكل أجندة جماعات المعبد، التي ترى الآن أن المستوى السياسي تخلى عنها. “في 28 رمضان رأينا ملحمة في النضال الشعبي؛ إذ تمكنت مجموعة من المرابطين لا يتجاوز عددهم 3 آلاف شاب من إفشال قوة مدججة بالسلاح قوامها يقترب من ألف عنصر احتلالي مدججين بالرصاص المطاطي والقنابل الغازية والصوتية والهراوات، وكل أدوات القمع، وهدفهم تأمين 60 مترا مربعا، بحيث يدخل المستوطنون من باب المغاربة ويخرجون من باب السلسلة، ولم يتمكنوا من تأمين ذلك لهم بسبب ما واجهوه من مقاومة”.

هذا النجاح -وفق ابحيص- هو الذي سمح بأن تنطلق المقاومة في غزة إلى المبادرة والفعل والإيلام بعد مبادرة المقدسيين في باب العامود، مرورا بالشيخ جراح واقتحام 28 رمضان، وصولا إلى إفشال مسيرة الأعلام.

إعلان سياسي خجول
ويضيف أن ذلك ردع الحكومة الإسرائيلية، التي تعلم أن إعادة فتح الأقصى أمام الاقتحامات بعد ملحمة 28 رمضان سيكلفها الكثير، وبالتالي بادرت للإغلاق تحت النار والخوف من الرباط.

ويلفت ابحيص إلى ضرورة الالتفات إلى أن المستوى السياسي الإسرائيلي شعر بالخزي من إعلان قراره بإغلاق باب المغاربة، فدعت جماعات المعبد أنصارها للاقتحام ووصلت أعداد قليلة لباب المغاربة يوم الأحد مع انطلاق “عيد الأسابيع” فوجدت الباب مغلقا ودون أي إعلان، وبعد ساعتين أبلغتهم الشرطة أن المستوى السياسي قرر وقف إدخال اليهود للأقصى حتى إشعار آخر.

وبعد يومين، أُعلن هذا القرار وبشكل خجول “لأن هناك شعورا واضحا عند القيادة الإسرائيلية بأن مجرد هذا الإعلان يعني مكسبا للمقاومة الفلسطينية، وأنها أصبحت جزءا من معادلة الردع في القدس”، وفقا للباحث ابحيص.

إغلاق المسجد الأقصى أمام المتطرفين من دون أن يكون السبب تزامن الاقتحامات مع العشر الأواخر من شهر رمضان أو مع الأعياد الإسلامية؛ شكل انتكاسة لأجندة جماعات المعبد التي أعلنت صباح اليوم إقامة اعتصام مفتوح لأتباعها أمام مدخل باب المغاربة للاحتجاج على منعهم من اقتحام المسجد.

وقبل أن تزيلها الشرطة الإسرائيلية نصبت هذه الجماعات خيمة اعتصام كبيرة عند بوابة الجسر المؤدي إلى باب المغاربة، وطالبت بانتزاع جميع صلاحيات الأوقاف الإسلامية من إدارة المسجد الأقصى وحراسته وإعطائها لمؤسسة يهودية بسيادة كاملة، وفتح جميع أبواب الأقصى للمتطرفين على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع بحرية ودون تحديد مسار معين لحركتهم داخل المسجد، كما طالبت هذه الجماعات بعدم الاستسلام لتهديدات المقاومة في غزة والضفة الغربية.

ورجّح ابحيص أن يُفتح باب المغاربة أمام المتطرفين مجددا مطلع يوليو/تموز القادم، تمهيدا لاقتحام كبير تنوي جماعات المعبد المتطرفة تنفيذه في 18 من الشهر ذاته؛ إحياء لما تسمى ذكرى “خراب الهيكل”، التي ستسبق عيد الأضحى بيومين.

المصدر : الجزيرة

شاهد أيضاً

قتيل إسرائيلي في كريات شمونة بعد قصفها بعشرات الصواريخ من لبنان

قال حزب الله اللبناني إنه أطلق عشرات الصواريخ على مستوطنة كريات شمونة، ردا على غارات إسرائيلية على مركز إسعاف أدت إلى مقتل 7 متطوعين، بينما أعلنت الطوارئ الإسرائيلية مقتل شخص جراء القصف على كريات شمونة.