لقاحات كورونا بالآلاف في مصرف مائي بمصر.؟

عبد الله حامد

القاهرة – بضع عشرات من الجنيهات يدسها مواطن في يد موظف الصحة، قد يكون من شأنها أن تحل مشكلة الحصول على شهادة التطعيم، أو تهدئ المخاوف من لقاح كورونا الصيني، لكنها سببت مؤخرا أزمة لوزارة الصحة بمحافظة المنيا (جنوبي القاهرة) حينما اكتشف مواطنون الآلاف من عبوات لقاح سينوفارم الصيني الصالحة للاستخدام ملقاة بجوار مصرف مائي.

هذا هو التفسير الأقرب للصحة بحسب مواطنين بالمحافظة تحدثوا للجزيرة نت، في إطار محاولات فك لغز وجود هذه الكميات من اللقاح ملقاة بهذا الشكل.

يعتقد أصحاب هذا التفسير أن موظفي الصحة بالمحافظة اكتشفوا أن الكشوف التي يتم فيها حصر متلقي اللقاح تتضمن أعدادا من المواطنين تزيد عما تم استهلاكه فعلا من جرعات، ولمحاولة التوفيق بين كشوف أعداد المتلقين وكميات اللقاحات المسجلة لديهم، تخلصوا من كميات اللقاح الزائدة في المخازن بإلقائها بجوار المصرف المائي تسوية للأمر.

يروي أحد أبناء مركز بني مزار في محافظة المنيا -تحفظ على ذكر اسمه- أنه تمكن من الحصول على شهادة التطعيم بلقاح سينوفارم ضد فيروس كورونا من دون أن يتلقى التطعيم فعلا، فهو “لا يطمئن لجدواه، ويخشى آثاره مستقبلا”، حسب ما قال للجزيرة نت. ولكن لأنه قد يحتاج إلى شهادة رسمية تفيد أنه تلقى التطعيم فقد “تفاهم” مع موظف الصحة للحصول على الشهادة من دون تطعيم أو اضطرار للانتظار ساعات أمام مركز تلقي اللقاح.

ويعتقد عدد من المصريين -في ريف وصعيد مصر- أن وزارة الصحة تطعمهم ضد كورونا بلقاح “غير معتمد عالميا، ورخيص وغير فعال”، وهو لقاح سينوفارم الصيني، في حين تطعم أبناء القاهرة و”الناس المهمين” بلقاحات أوروبية وأميركية، بحسب ما قاله مراسل من أسيوط بأحد المواقع الإخبارية الخاصة، تحدث للجزيرة نت رافضا الكشف عن اسمه.

غير أن وائل، وهو صحفي آخر يعمل بالقاهرة وتعود أصوله لمحافظة المنيا، ينفي وجود مفاضلة في توزيع اللقاحات، مؤكدا -للجزيرة نت- أنه تلقى جرعة سينوفارم ضمن حملة لوزارة الصحة بمقر نقابة الصحفيين في القاهرة قبل أيام، في حين تلقى والداه -وهما مواطنان بسيطان يعيشان بمحافظة المنيا- لقاح أسترازينيكا الأوروبي.

فوبيا اللقاح
وتتباين تفاعلات المصريين عموما على منصات التواصل الاجتماعي تجاه الحصول على اللقاح، بين غير مقتنع لكنه مجبر على أخذ اللقاح بسبب متطلبات وظيفته أو سفره، وبين ساع للحصول عليه خشية الإصابة واقتناعا بجدوى اللقاح.

وحصل عبد الحميد -وهو مدرس من محافظة أسيوط ويعمل خارج البلاد- على لقاح سينوفارم، واضطر للحصول على جرعة تنشيطية ودفع مزيد من الرسوم قبيل سفره، لكي يتوافق مع متطلبات السفر للخارج حيث لا “يُعترف بلقاح سينوفارم هناك”، بحسب وصفه للجزيرة نت.

تحركات رسمية
وبالتوازي مع اجتهادات شعبية لتفسير اللغز، تواصل النيابة العامة بمركز بني مزار التحقيقات الموسعة مع مسؤولين بمديرية الصحة، والإدارة الصحية ببني مزار، في واقعة العثور على 40 كرتونة بها أكثر من 13 ألف أمبول (عبوة) للقاح سينوفارم، عثر عليها ملقاة على جانبي ترعة قرية أبشاق بمركز بني مزار.

وتقدم البرلماني أحمد حتة، النائب عن محافظة المنيا بطلب ببيان عاجل لرئيس الوزراء ووزيرة الصحة حول الواقعة، مطالبا بسرعة كشف ملابساتها، بينما تحدثت صحف محلية عن أن كمية اللقاحات التي تم العثور عليها تصل إلى أكثر من 26 ألف جرعة لقاح.

وأكد محافظ المنيا اللواء أسامة القاضي في تصريحات صحفية أن التطعيم للوقاية من فيروس كورونا يسير بمعدلات جيدة في أكثر من 50 مركزا ثابتا ومتنقلا في مختلف أنحاء محافظة المنيا.

وتقول الحكومة المصرية إنها تحاول تسريع وتيرة التطعيم بالحصول على جرعات كافية؛ وتستهدف تطعيم 40% من السكان بنهاية العام الجاري.

وأعلن المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري نادر سعد مؤخرا أن إجمالي جرعات اللقاح الموجودة في البلاد وصل إلى نحو 60 مليون جرعة، موضحا أن هذا العدد “يفوق أعداد المواطنين الذين سجلوا للحصول على اللقاح عبر الموقع الإلكتروني المخصص لذلك منذ 7 أشهر”.

ولفت سعد إلى أن عدد من حصلوا على جرعتين من لقاح كورونا في مصر بلغ 7 ملايين شخص، في الوقت الذي بلغت فيه أعداد الحاصلين على جرعة واحدة 13 مليونا في بلد يتجاوز تعداده 100 مليون.

وتراجعت الحكومة عن إلزام جميع العاملين والطلاب بالحصول على اللقاح ليكون شرطا لدخول الجامعات، نظرا للصعوبات التي تواجه تلقيح أعداد ضخمة في وقت قصير، في حين تواصل حملة للتوعية بأهمية تلقي اللقاح.

ودشن رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي ووزيرة الصحة هالة زايد مؤخرا حملة لتشجيع المواطنين على التسجيل الإلكتروني لتلقي لقاح كورونا، ومساعدتهم في عملية التسجيل وسرعة تلقي اللقاح في اليوم نفسه، تحت شعار “معا نطمئن.. سجل الآن”.

وسجلت وزارة الصحة المصرية 831 إصابة جديدة بفيروس كورونا و39 حالة وفاة أمس السبت، مقارنة مع 811 إصابة و35 وفاة أول أمس الجمعة، ليصل إجمالي الإصابات -وفق الوزارة- إلى 311 ألفا و576 إصابة، من ضمنهم 262 ألفا و654 حالة تم شفاؤها، و17 ألفا و658 حالة وفاة، علما بأن الأرقام الرسمية التي يتم إعلانها عن كورونا غالبا ما تلقى تشكيكا من ناشطين على مواقع التواصل، إذ يعتبرون أن الحكومة دأبت منذ ظهور الفيروس على عدم إعلان الأرقام الحقيقية.

واستبق إعلاميون مقربون من السلطة تحقيقات السلطات المعنية بالقول إن الأمر خلفه “الثورة المضادة”، وإن من “اقترف هذا الجرم مغرض ويريد ضررا بالبلاد”، لأنه يحرم آلافا من المواطنين من اللقاح في وقت يعاني العالم أزمة تفشي الوباء والسعي لمحاولة تطعيم أكبر عدد من الناس في وقت قياسي.

بينما ذهب إعلاميون إلى اتهام جماعة الإخوان المسلمون صراحة بـ”ارتكاب الجريمة”، ورجح الإعلامي محمد الباز أن يكون الأمر وراءه “موظف إخواني من الخلايا النائمة بالمصالح الحكومية ارتكبها لافتعال أزمة بالبلاد”، وهو اتهام اعتاده إعلاميون مقربون من السلطة بمواجهة كل أزمة تمر بها مصر، منذ تدخل الجيش في يوليو/تموز 2013 لعزل الرئيس المنتخب محمد مرسي الذي كان ينتمي إلى الجماعة.

وتباينت ردود فعل مستخدمي التواصل الاجتماعي تجاه الواقعة، ففي حين تبنى مغردون رواية الإعلاميين باتهام “الإخوان” وعناصر الثورة المضادة”، أعرب مغردون عن اعتقادهم بأن المسألة وراءها فساد وظيفي، بينما عد آخرون الأمر كارثة على أي حال.

شاهد أيضاً

تفتيش عارٍ وتهديد بالاغتصاب.. هكذا ينتقم الاحتلال من الأسيرات الفلسطينيات

"بعد اعتقالي من منزلي والتحقيق معي في مستوطنة كرمي تسور، نُقلت إلى سجن هشارون، وتعرضت للتفتيش العاري، ثم أدخلوني زنزانة رائحتها نتنة، أرضها ممتلئة بمياه عادمة والفراش مبتل بالمياه المتسخة".