وقف تحويل العلاج بإسرائيل.. موقف ضد الاحتلال أم عقاب لغزة

ألقى قرار السلطة الفلسطينية -وقف تحويل المرضى للعلاج في مستشفيات إسرائيلية- بظلال قاتمة على المرضى في قطاع غزة خصوصا من لا يجدون علاجا لحالاتهم في مستشفيات قطاع غزة.

وجاء قرار السلطة عقب قرار إسرائيل خصم ملايين الدولارات من أموال المقاصة (الضرائب) التي تجبيها لصالح السلطة، مقابل حصولها على نسبة حددتها اتفاقية باريس الاقتصادية.

وبينما يعتبر مسؤولون بوزارة الصحة التابعة للسلطة الفلسطينية القرار بأنه “سياسي” يتعلق بالعلاقة مع تل أبيب، يرى أهالي مرضى أنه يضر بهم ويندرج في إطار الإجراءات العقابية للسلطة ضد غزة.

أحد الذين يعانون من تبعات القرار الطفل عبد الله المصري المصاب بالسرطان الذي يعيش على المسكنات ولا يستطيع الحركة، في ظل عدم توفر العلاج اللازم لمرضه في القطاع.
“حكم بالموت”
تقول والدته غدير إن قرار السلطة “حكم بالموت” على مرضى السرطان والأمراض الخطيرة الذين لا تتوفر لهم العلاجات في مستشفيات غزة والضفة الغربية، ويحتاجون العلاج في مستشفيات إسرائيلية.

فالطفل البالغ من العمر عشرة أعوام كان يتلقى العلاج بمستشفى إسرائيلي منذ اكتشاف إصابته بالسرطان عام 2015، لكن تضيف الأم “فوجئنا بقرار السلطة وقف التحويلات الطبية إلى المستشفيات الإسرائيلية، من دون إيجاد البديل للمرضى الذين لم يستكملوا علاجهم، ولا يتوفر العلاج اللازم لحالاتهم في المستشفيات الفلسطينية في غزة والضفة”.

ولا تختلف حالة أحمد (سبعة أعوام) عن عبد الله، فهو مصاب بالسرطان، وظل يتلقى العلاج بمستشفى إسرائيلي متخصص منذ 2015، لكن أسرته فوجئت بتوقف “التغطية المالية” التي تصدرها السلطة من أجل استكمال برنامج علاجه.

وتضيف بيان أبو عامر للجزيرة نت أن طفلها أحمد خضع لعملية زراعة نخاع، لكن العملية فشلت والمرض عاوده مجددا، وهو بحاجة ماسة لاستمرار لتلقي العلاج في مستشفى “تل هاشومير” الإسرائيلي المتخصص بمثل حالته، غير أن قرار السلطة بوقف التحويلات الطبية يعني موته في أي لحظة.

وتضيف الأم أنها تحاول منذ شهرين الحصول على تغطية مالية من دائرة العلاج بالخارج التابعة للسلطة من دون جدوى، ولا يتوفر العلاج لمثل حالة ابنها بمستشفيات غزة أو الضفة.

خطر حقيقي
واتفق مجدي حمادة والد الطفل محمد (ستة أعوام) المريض بالسرطان، مع سابقيه، على أن قرار السلطة يشكل خطرا حقيقيا على حياة مرضى غزة، خصوصا مع عدم توفر البديل المناسب عن العلاج بالمستشفيات الإسرائيلية، مطالبا السلطة الفلسطينية بـ “إيجاد البديل قبل فوات الأوان”.

أما محمد الفرا والد عهود البالغة تسعة أعوام فبدا قلقا للغاية على حياة طفلته المصابة بسرطان الدم وجلطة دماغية، فآخر مرة راجع فيها المستشفى الإسرائيلي برفقة طفلته كانت في الثاني من الشهر الجاري لكنه فوجئ برفض سفره مجددا، رغم أن “التغطية المالية” سارية المفعول لمدة ثلاثة شهور.

وحول توجه السلطة الفلسطينية اعتماد التحويلات الطبية لمستشفيات في مصر أو الأردن، قال الفرا إن السفر من غزة إلى هذين البلدين “صعب جدا ومكلف ماليا، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة لغالبية الناس، فمن أين سيوفر ذوو المريض هذه التكاليف؟”.

ويرى مدير دائرة العلاج بالخارج في غزة زكريا اللوح أن وقف السلطة تحويلات العلاج للمستشفيات الإسرائيلية “قرار سياسي” مضيفا أن القرار يتعلق بالتحويلات الجديدة، في حين أن المرضى الحاليين الذين يمتلكون “تغطية مالية” لا يزالون يتابعون علاجهم.

وقدر اللّوح قيمة فاتورة العلاج للمرضى في غزة والضفة بالمستشفيات الإسرائيلية بنحو 120 مليون دولار تقتطعها تل أبيب من أموال المقاصة (الضرائب).

اللوح: نتشاور حاليا مع المستشفيات بمصر والأردن لتحويل المرضى إليها
وأوضح أن السلطة تتشاور حاليا مع المستشفيات بمصر والأردن من أجل تحويل المرضى للعلاج فيها بدلا عن المستشفيات الإسرائيلية.

ويتلقى حوالي 80% من المرضى الفلسطينيين العلاج اللازم بمستشفيات الضفة -حسب اللوح- في حين يحول 20% فقط من مرضى السرطان والأمراض المستعصية للعلاج بمستشفيات إسرائيلية.

واختتم حديثه بالقول “السلطة لا يمكن أن تتخذ قرارا بهذا المستوى قد يضر بمصلحة المواطن، والأموال التي كانت تتقاضاها إسرائيل فاتورة علاج ستذهب لمستشفيات عربية بمصر والأردن، وكذلك دعم مستشفيات القدس المحتلة”.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.