أميركا تحرّم الجمع بين طائراتها والصواريخ الروسية في تركيا

يمثل إيقاف وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تدريب الطيارين الأتراك على مقاتلات أف 35 في قاعدة لوك الجوية بولاية أريزونا تصعيدا جديدا من جانب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضد تركيا.

ولم تنتظر الإدارة الأميركية انتهاء فترة المهلة -التي سبق وأعلنتها لاتخاذ إجراءات عقابية تجاه تركيا إذا لم تتخل عن شراء منظومة صواريخ أس 400 الروسية للدفاع الجوي بحلول 31 يوليو/تموز المقبل حيث بدأت تركيا إجراءات شرائها بالفعل- لكن واشنطن تقول إنه لا يمكن لأنقرة امتلاك المنظومة الروسية والمقاتلات الأميركية معا.

وجاء في تقرير قدمه البنتاغون للكونغرس -حول العلاقات العسكرية بين البلدين- أن تركيا تلعب دورا كبيرا في برامج إنتاج المقاتلة أف 35 والتي تتعاون فيها ثمانية بلدان مع الولايات المتحدة من خلال خطوط إنتاج منتشرة عبر عدة دول.

وحسب التقرير، استثمرت أنقرة أكثر من 1.25 مليار دولار في هذه الجهود، كما تعاقدت على شراء مئة طائرة، وتستضيف مركز الصيانة والتطوير الأهم، لما تنتجه تركيا من أجزاء مختلفة تدخل في صناعة الطائرة الأكثر تقدما في العالم.

ويؤكد البنتاغون في التقرير أن تركيا تعد كذلك مساهما رئيسيا في مشروعات إنتاج مشتركة لمروحيات شينوك العملاقة، وطائرات أف 16 النفاثة، ومروحيات بلاك هوك الهجومية.

وشدد التقرير على محورية الدور التركي للمصالح الأميركية بالشرق الأوسط وجنوب أوربا ومنطقة القوقاز وسط آسيا. واعتبر عضوية أنقرة بحلف شمال الأطلنطي (الناتو) ركيزة شديدة الأهمية حيث تعد تركيا القوة العسكرية الثانية في الحلف خلف الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من تقدير المؤسسة العسكرية الأميركية لقيمة الحليف التركي، فإن التقرير عبر عن “مخاوف كبيرة” من تبعات اقتناء تركيا الصواريخ الروسية. وفرض عقوبات على الدولة التركية أو المؤسسات الخاصة والشخصيات المشاركة في شراء أس 400.

وأوضح التقرير أن تركيا يمكن أن تخضع لعقوبات محتملة بموجب قانون “مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات” وهو نظام عقوبات مطبق على المؤسسات العسكرية الروسية والدول التي تعقد صفقات كبيرة معها. إلى جانب إنهاء المشاركة التركية في تصنيع الطائرة أف 35 أو تعطيل وإبطاء إنتاجها.

كما أعرب تقرير البنتاغون أيضا عن المخاوف من تهديد المشتريات العسكرية التركية المستقبلية من الولايات المتحدة، التأثير السلبي على علاقات التبادل والاتصال العسكري بين دول حلف الناتو.

 البنتاغون يوقف تدريب الطيارين الأتراك على مقاتلات أف 35 (رويترز)

أعقد من التسلح
في دراسة خدمة أبحاث الكونغرس بتاريخ 8 فبراير/شباط الماضي، ذكر الباحثان المتخصصان بالشأن التركي جيم زانوتي وكلايتون توماس أنه على الرغم من أهمية الدور التركي في خدمة مصالح واشنطن الإستراتيجية منذ انضمامها لحلف الناتو عام 1952 فإن العلاقات تشهد الكثير من التعقيدات مؤخرا.

وأوضحت أن هذه التعقيدات تأتي على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو/تموز 2016، وما فهمته الدوائر التركية الرسمية من عدم ممانعة واشنطن في الإطاحة بنظام الرئيس رجب طيب أردوغان ورفض الإدارة الأميركية تسليم رئيس جماعة الخدمة فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالتخطيط للانقلاب العسكري الفاشل.

وأضافت الدراسة أسبابا أخرى منها تطور العلاقات التركية الروسية عسكريا و “تناقض الموقف من أكراد سوريا” إذ ترى أنقرة أن واشنطن تدعم إحدى أذرع حزب العمال الكردي الذي تعتبره أنقرة جماعة إرهابية.

وعلى الرغم من ذلك، تتأكد أهمية الوجود العسكري داخل تركيا بوصفها عضوا رئيسيا في حلف الناتو، وركزت الدراسة على قاعدة إنجرليك في الجنوب التركي والتي تخرج منها طائرات عسكرية لمهام في أفغانستان أو العراق أو سوريا.

من ناحية أخرى، شكك الباحث ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية في دراسة نشرتها مجلة فورين بوليسي في أن تركيا “لم تعد حليفا لواشنطن حيث تقوم بكل ما تستطيع للالتفاف وعرقلة العقوبات المفروضة على إيران، وتقترب سريعا من روسيا”. لكن دراسة أخرى لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ترى أن التخلي عن تركيا “سيكون بمثابة إيذاء ذاتي متعمد لمصالح واشنطن”.

شاهد أيضاً

مقال بموقع بريطاني: هذه طريقة محاسبة إسرائيل على تعذيب الفلسطينيين

ترى سماح جبر، وهي طبيبة ورئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، أنه وسط تصاعد حالات تعذيب الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هناك حاجة ملحة إلى قيام المتخصصين في مجال الصحة بتوثيق مثل هذه الفظائع بشكل صحيح.